قبالة المعارضة الجديدة - والتي نشأت عقب انفصال الناشط السياسي حسن مشيمع ولمه شمل مَنْ لم يستطيعوا الظفر بمواقع حقيقية داخل المعارضة - نشأت داخل السلطة، سلطة جديدة لم تقتصر مهام عمل هذه السلطة على مجاراة هذا الفصيل الجديد في المعارضة وتقويض مشروعه السياسي بل امتدت إلى تشكيل أجندة سياسية جديدة أقل ما يمكننا أنْ نصفها به، أنه تقويض وضرب في جميع الثيمات المكونة للحقلين السياسي والاجتماعي داخل التجربة البحرينية.
وإذا كانت مفرزات التقرير المثير للجدل قد أعطت ملامح واضحة عن هذا التشكيل، فإننا وإنْ انتصرنا إلى أنّ كل ما ورد في هذا التقرير هو «كذب» - كما تدعي رموز السلطة - فإنّ ذلك لا يغيّر من الحقيقة شيئا، فثمة في السلطة ما كنّا نسميه أواخر العام الماضي بأنه «مزاج جديد»، وهذا المزاج قد تحوّل بالفعل لقوّة ضاربة داخل هرم السلطة، وأصبحت هذه القوّة بالفعل تمسك بمفاصل القرار الحكومي وتتحكم به.
لا يبدو الفصيل الجديد في السلطة ملتزما بقواعد اللعبة، وكما تورّطت الوفاق - ولا تزال - مع الأجندة السياسية لحق، كان للدولة هي الأخرى أنْ تتورّط مع هذا الفصيل الجديد فيها. وكما أن ّالوفاق لم تستطع الإنفكاك من حركة «حق» لم تستطع الدولة أنْ تنفك من فصيلها. فورّطت الدولة كما تورّطت الوفاق وأصبحت جميع مَنْ يعمل داخل دائرة العمل السياسي وفق مبادئ وقوانين اللعبة، مشغولا بتصحيح أخطاء الفصيلين الخارجين منهما. وهو ما بالتحديد، ما ساهم - ولا يزال يساهم - في تقويض تجربة مشاركة الوفاق وافشالها، فإعتبار أنّ مشاركة الوفاق لا يمكن قراءتها باعتبارها حركة تصحيحية لخطأ المقاطعة لانتخابات العام 2002 فقط، بل هي من باب أولى، فرصة ذهبية للدولة في أنْ تنهي حالة القطيعة مع المعارضة وكبح جماحها خارج البحرين قبل داخلها.
ببساطة متناهية، إنّ الفصيل الجديد في السلطة هو مَنْ يمسك اليوم بزمام الأمور في المجلس النيابي، وهو ما يسيطر على النواب المحسوبين على الدولة، وهو ما فرض معادلة غير صحيحة. فليس على نواب الوفاق مثلا، أنْ يواجهوا هذا الفصيل وليس هذا الفصيل من السلطة هو المعني بالتعامل مع نواب الوفاق.
لا تواجه المعارضة داخل المجلس النيابي نوابا للسلطة بالمعنى التقليدي لكنها لا تستطيع إلا أنّ تعتبر النواب المؤيّدين للدولة إلاّ سلطة واحدة، وتوجيه واحد. وقبالة ذلك، لا يواجه الفصيل الجديد للسلطة والذي يسيطر على المجلس النيابي حركة حق بل نواب جمعية سياسية مرخصة ينص قانونها الأساسي على الاعتراف بالدولة والحكم والقانون، والسلطة في تشكيلها الأعم لا تبدو قادرة على تصحيح أوضاعها وفق معادلة الانقسامات التي تعصف بها. وهو ما يجعل المعادلة أكثر صعوبة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2034 - الإثنين 31 مارس 2008م الموافق 23 ربيع الاول 1429هـ