منذ الحركة المطلبية في التسعينات وشارع المعارضة يُغلب من شعار «معكم معكم يا علماء»، وصولا لاعتباره الشعار الرئيسي، وكثيرة هي الاختبارات التي مرّ منها هذا الشعار وتأكدت قوته، ولا نستذكر على وجه الخصوص مسيرة معارضة قانون الأحوال الشخصية - الأسرة - التي دعت لها القوة الدينية الأولى في الدراز إلا باعتبارها أقوى دلالات تأصل هذا الشعار في ذهنية شارع المعارضة الإسلامية في البحرين التي تمثل بالتأكيد الشريحة الأكبر ضمن مجموع الشرائح المكونة للمعارضة السياسية في البحرين.
الذي حدث بعد انشقاق الوفاق هو أنّ الطرف المنشق لم يخرج عن الحاضنة الرئيسية وهي المكون الديني فحسب، بل إنه أكّد - في أكثر من مناسبة ولقاء - عدم حاجته لما كانت تسميه المعارضة فترة الحركة المطلبية بـ «الغطاء الشرعي» لمجمل عملها السياسي.
وسواء أكانت حركة حق أم كان مركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل المسئول الحقيقي عما شهدته مداخل القرى من مشاغبات أم لم تكن، فإنّ مَنْ يقومون بهذه الأعمال قد أعلنوا بوضوح وبما يتوافق وتكامل مع رؤية هذين الطرفين، إنهم لا يُؤمنون بضرورة الحصول على الغطاء الشرعي، ورغم عديد المناشدات التي أطلقتها رمزية «الدراز» وغيرها فإنّ أحدا من الأقطاب المحرّكة لهذه الإضطرابات لم يلتزم.
الخروج عن حاجة «الغطاء الشرعي» للمعارضة الجديدة في البحرين هي صورة لما تكتمل بعض، فالوفاق وشارعها لم يحسما أمرهما في التبرأ من هذه المعارضة، ولا يزال علي سلمان يشتري ود «حق» لا عداءها، وكذلك هو شارع الوفاق كلّه، فهو وإنْ كان لا يؤيّد مثل هذه الأعمال أمام مداخل القرى إلا أنه لا يزيد في التعبير عن رفضه عن مجرد توجيه حالة من «اللوم»، بل أنّ نواب الوفاق غالبا ما بذلوا مساعيهم في الدفاع عن الموقوفين جراء المواجهات الأمنية الأخيرة.
وفي الوقت الذي لا تعترف هذه المعارضة الجديدة بهيمنة وسلطة «الغطاء الشرعي» - وبغض النظر عما تطرحه هذه المعارضة الجديدة من مبررات - فإنّ شارع الوفاق لا يزال غير قادر على الإعلان وبوضوح بأنّ هذه المعارضة الجديدة لا تمثله وأنه غير مسئول عنها. وهو ما أتاح في بعض الأحايين الفرصة لبعض القراءات في الطرف الآخر إلى أنْ تذهب نحو إطلاق مهم، وهو أنّ الوفاق و«حق» مؤسسة سياسية واحدة لا مؤسستين.
إنّ تقويض سلطة «العلماء» هو توجّه جديد في العملية السياسية في البحرين، وسواء أكان الناشط السياسي حسن مشيمع ومن معه يدركون ذلك أم لا، أو حتى إنْ كانوا يعترفون بذلك أم لا، فإنّ الحقيقة المُغيّبة والتي لا يريد أحدٌ أنْ يعترف بها، هو أنّ مشيمع ومن معه هم مشروع تقويض لرمزية «الدراز» التي لم تستطع الدولة تجاوزها أو إضعافها كما استطاعت حركة «حق» أنْ تفعل.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2033 - الأحد 30 مارس 2008م الموافق 22 ربيع الاول 1429هـ