يلعب الاختصاصي الاجتماعي (وهو المسمى المتعارف عليه دوليا)، وليس كما تسميه وزارة التربية والتعليم “المرشد الاجتماعي”، دورا محوريا في مدارس الدول المتقدمة. ويعتبر دخل الاختصاصي الاجتماعي والمحامين من الفئات الأكثر دخلا في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بسبب الأدوار الحرجة والدقيقة التي يقوم بها العاملون في هذه المهنة الشاقة والصعوبات التي يواجهونها في أعمالهم.
ولعل المؤلم لدينا هو عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم بالعاملين في هذه المهنة أو تطوير مهاراتهم. وإذا كانت الدراسة الجامعية هي إحدى وسائل تطوير المهارات لدى الاختصاصيين الاجتماعيين (المرشدين الاجتماعيين) فإن وزارة التربية إضافة إلى غمط حقوق العاملين في هذا المجال وعدم ابتعاثهم للدراسات العليا فإنها تحرمهم من مواصلة تعليمهم العالي حتى على حسابهم الخاص!
هذه والله مأساة، وزارة ترعى التربية والتعليم في البلاد ولا تهتم أو تساعد أو تسمح للعاملين فيها بتطوير مهاراتهم من خلال الدراسة الجامعية؟! هذا أمر ينبغي الرجوع عنه، بل ومحاسبة المسئول الذي أدرج الاختصاصيين الاجتماعيين (المرشدين الاجتماعيين) ضمن هيكل الفنيين، ومن يندرج ضمن هذا الهيكل غير مسموح له إكمال دراسته الجامعية العليا! وهذه مأساة أخرى، فبأي حق تحرم الوزارة المسئولة عن التعليم في البلاد موظفيها من مواصلة تعليمهم العالي الجامعي؟!
وفي حين ترسل وزارة التربية الاختصاصيين الاجتماعيين (المرشدين الاجتماعيين) إلى دورات “المحافظة على أسرار المهنة”، فإنها تخلط الحابل بالنابل حينما تضع أكثر من اختصاصي اجتماعي في مكتب واحد. فأين السرية في ذلك؟!
ناهيك عن إشغال المرشد الاجتماعي بالأمور الإدارية ومحاصرته بها ما يعوق عمله الأساسي وهو احتواء المشكلات السلوكية والأخلاقية ودراستها وتشخيصها وعلاجها، وتقديم خدمة اجتماعية وإعداد برامج وأنشطة تساعد الطلاب في تنمية مهاراتهم، وتنظيم المجتمع المدرسي وربط الطالب بأنشطة المجتمع المحلي التي تعود بالفائدة على الجميع مثل دور الرعاية ومراكز التأهيل والأيتام.
إضافة إلى عامل مهم وهو الترقي في الوظيفة، إذ ليس للاختصاصي الاجتماعي (المرشد الاجتماعي) أي حق في أن يكون مديرا أو مديرا مساعدا في المدرسة بل يبقى كما هو مرشدا اجتماعيا إلى أن يتقاعد أو يرث الله الأرض ومن عليها!
وهناك بعض المدارس التي بها مرشد اجتماعي أول إلاّ أن مدارس أخرى ليس لها ذلك، لماذا؟ وهناك بعض الاختصاصيين الاجتماعيين (المرشدين الاجتماعيين) يشرفون على 400 طالب وطالبة، في حين البعض الآخر لا يتعدى الإشراف لديه في المدرسة سوى 150 طالبا فقط، فلماذا لا يتم تدويرهم مثلا؟
وأخيرا، هناك شكاوى متعددة من أن الحوافز والمكافآت لا يتم توزيعها بعدالة، إذ يعاني بعض المرشدين الاجتماعيين من العمل المضني المتراكم - نظرا لكثرة عدد الطلبة الذين يقعون تحت إشرافهم - وبالتالي فإنهم لا يستطيعون توثيق أعمالهم بصورة مكتوبة، وبسبب ذلك يتم غمط حقوقهم، ومنح من يكتب تلك التقارير ويوثقها الحوافز والمكافآت على رغم قلة العدد الذي يشرف عليه.
هذه مجموعة من معاناة المرشدين الاجتماعيين، نأمل من وزارة التربية والتعليم دراستها والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في وضع الحلول الناجعة لمثل تلك القضايا الحساسة، حتى يتفرغ المرشدون الاجتماعيون لحلحلة القضايا التي يواجهونها يوميا واستنباط حلول مبتكرة لها. والله من وراء القصد.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2032 - السبت 29 مارس 2008م الموافق 21 ربيع الاول 1429هـ