في ظل تنافس القنوات الفضائية العربية في تقديم برامج الواقع لـ «سرقة» انتباه المشاهدين تابعنا خلال الأسابيع الماضية برنامج «القرار» الذي يعرض على قناة الـ «أم بي سي» كل يوم سبت وهو من تقديم الفنان عبدالمحسن النمر، وبمشاركة 9 أشخاص يتنافسون جميعا على مليوني ريال سعودي، إذ عليهم أن يتفقوا جميعا على قرار واحد يمنحون بموجبه شخصا واحدا بينهم حق الحصول على المليونين.
البرنامج في حلقته الأولى وبالإعلان عنه بدا جيدا، إلا أنه ومن الملفت للانتباه في هذا البرنامج أن المشتركين ينقطعون عن الحياة ودقائقها وثوانيها تحقيقا لشروط الالتحاق بالبرنامج، بل أن من أهم شروط المشاركة في البرنامج أن تأخذ ساعات جميع المشتركين لمنع اتصالهم بالعالم الخارجي ما يجعل المشتركين يجهلون هل هم في الصباح أم المساء وكأنهم سيرحلون إلى عالم آخر. والسؤال الذي يطرح نفسه في تلك اللحظة: ترى كيف سيعرف المشاركون (المسلمون منهم) وقت الصلاة؟، إذ نرى في البرنامج تحديدا لوقت الإفطار والغداء والعشاء، ولكن ليس هناك تذكير للمشتركين بوقت الصلاة، والتي هي عمود الدين!
ليس تحديد مواقيت الصلاة للمشاركين هو فقط ما يلفت الانتباه في البرنامج، بل هناك جانب سيئ آخر، وهو أن تجعل الناس يتصارعون على مليوني ريال (يتهاوشون على الفلوس والله حاله)، ما يكشف لك مدى سطحية تفكير كل واحد منهم، هل المال هو كل شيء في الحياة حتى يجعل الناس تكذب وتحتال وتحقد على بعضها بعضا من أجله... في النهاية كل المشاركين كشفوا للمشاهدين مدى جشعهم وحبهم للمال، حتى أنت كمشاهد ستقول «صدق مصفعين» (صدق محسرين).
أتى هذا البرنامج كباقي برامج الواقع التي لم تضف أي شيء للمشاهد سوى الحسرة والاستنكار لما يحدث من كذب وخداع ومكر بين المشاركين، فكم أتمنى أن نرى في يوم من الأيام برنامجا من فئة برامج الواقع يهتم بالمشاهد العربي ويضيف إليه ما ينفعه. متى سنرى برنامجا واقعيا نفتخر بأنه من فكر عربي ومن صنع عربي، ليس تقليدا أعمى لبرامج باتت فاشلة واستاء منها المشاهد الغربي وتم نقلها «حرفيا» ونسخ فكرتها «كاربونيا» للقنوات العربية من دون النظر في اعتبار لاختلاف قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا عن الفكر الغربي. وكلنا أمل بولادة برنامج جديد قد يحسن صورة البرامج الواقعية العربية والتي أخذنا منها أبشع الصور من خلال البرامج السابقة من شاكلة «ستار أكاديمي» وغيرها.
العدد 2018 - السبت 15 مارس 2008م الموافق 07 ربيع الاول 1429هـ