جميعنا أنتج سيناريوهات عدّة مثّل فيها دور البطولة أمام طبيب ارتكب خطأ بحق قريبه. وعن نفسي أجد صعوبة في تصوّر الموقف الذي سأتخذه، ومدى تمسّكي بالقناعات التي أدافع عنها من ضرورة الارتقاء بالخدمة الصحيّة المجانيّة، وتعزيز دور المراكز الصحيّة بدل المستشفيات الخاصّة التي تتفنّن في «حلب» جيوبنا، ولكنّي متيقّن أن هناك حدودا يفرضها الدين والقانون والعُرف تحكم انفعالاتنا في مثل هذه الحالات. قرأنا في الصحف أخيرا أن طبيبا ثانيا تعرّض للضرب والشتم. هاتان الحادثتان دفعتا وزارة الصحة الحائرة أمام هذا السلوك إلى الدعوة للتمسّك بالعادات والأخلاق البحرينية، فيما رأى مواطنون أن واقع الصحة المتردّي يدفع إلى الانفعال، ويبرّر استعمال «اليد» لقطع دابر الأخطاء. «الصحة» مطالبة بمواقف حاسمة أمام الأخطاء الطبية، ولن يكون ذلك بتوبيخ الأطباء والعاملين، بل بتوفير بيئة عمل مناسبة... بربّك، كيف لا يخطئ طبيب واحد يحمل على رأسه مسئولية عدد هائل من المرضى؟ وكيف لا يلتبس الأمر والمستشفيات القليلة ممتلئة بالمرضى حدّ التخمة؟ جيّد أن الوزارة وقفت معنويا إلى جانب موظفيها، وقدّمت اعتذارها عن التقصير، ولكن الأمر يحتاج إلى مكاشفة مع العاملين للوصول إلى علاج لتلافي الأخطاء وكبح جماحها قبل أن تزيد الأدمغة المضروبة مستقبلا بعد أن تهرب الأدمغة الأكثر إتقانا وإنجازا. من جهتهم، المواطنون مطالبون بالأناة والصبر، واللجوء إلى القانون الذي ينبغي أن ينصفهم حينها.