العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ

انتفاضة المحرق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إذا... وأخيرا... تم رفع الحظر عن تداول العقارات في 15 مجمّعا سكنيا بجزيرة المحرق!

إذا... تم رفع الحظر بعد عام كامل من فرضه، كتبتْ خلاله الكثير من المقالات، بعضها ينتقد هذا القرار الذي دشّن رسميا فصلا جديدا من فصول التمييز العنصري والاثني التي تجاوزها العالم، بينما كتبتْ مقالات أخرى تؤيّده، وتعتبر المحرق قلعة محصّنة لا يدخلها «الغرباء»، بحسب التصانيف الطائفية السائدة بهدف تفتيت مكوّنات المجتمع إلى قوى أصغر وأصغر!

قرار الحظر جرّ على سمعة البحرين الكثير من السوء، واحتاج إلى مرور عام كامل حتى يتم رفعه، وأسهم في خلق حزازات في نفوس المواطنين الذين اكتشفوا أنهم يعتبرون غرباء في وطنهم، بينما يُباح للأشقاء الخليجيين استملاك الأراضي والعقارات من دون قيود أو تدقيق في هوياتهم الإثنية والمذهبية!

المحرّق أيضا كانت حاضرة بقوّة في احتفالية الجمعيات السياسية بذكرى انتفاضة مارس/آذار 1965، في قاعة فلسطين بجمعية «وعد»، إذ التم شمل المواطنين من جزر البحرين (الأم) والمحرّق وسترة، لينشّطوا الذاكرة الجمعية بإحدى محطات النضال الوطني، التي اختلطت فيها دماء عبدالله بونودة وعبدالله مرهون وعبدالنبي سرحان، من أجل استقلال وكرامة الوطن.

كان من بين الحضور رجالٌ وشيوخٌ من المحرّق والحد، هؤلاء تحدّثوا بإسهابٍ عن ذكرياتهم في تلك الأيام، يوم كانوا يتصدّرون حركة النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني. بعضهم كان يُشارك في المظاهرات على الجسر، وبعضهم يوزّع المنشورات في مساجد الحد، وبعضهم كان ينقل الأسلحة والمتفجّرات التي هرّبها مع نساء (فريجه) «ستيشن» إلى المنامة لتستخدم ضد باصات شركة النفط. لقد مرّ 43 عاما ومازالت مشاعر الاعتزاز ونغمة الفخر عالقة بأحاديث المحرّقيين عن أيام الانتفاضة الأولى.

أيامٌ لم أشهدها، إذ لم يتجاوز عمري حينها ثلاث سنوات، ولكن الذاكرة تختزن الكثير من أحاديث الوالد (رحمه الله) عنها. كما أنّ حديث المحرقيين المتجدد عنها يجعلك تعيش تلك الأجواء بتفاصيلها الدقيقة، حتى تتخيّل أنها انتفاضة محرقية بامتياز، لولا معرفتك أنّ بقية «الجزر الأخرى» شاركت أيضا في الانتفاضة، وقدّمت القرابين والشهداء، وتلقت نصيبها من مسيلات الدموع وزخّات الرصاص.

هذه الحقيقة أشار إليها إبراهيم شريف بقوله: «في هذه الانتفاضة سقط الشهداء من المنامة والمحرّق وسترة والسنابس والديه... وشارك فيها ابن السني والشيعي، وابن القرية والمدينة، فما أحوجنا إلى يوم لجمع شتاتنا الوطني». وأشار إلى أحد مكامن الخلل في الحركة الوطنية بقوله: «هناك جيل كامل من أبناء التسعينيات، انقطع عن تاريخ البلد، ربما لا يقل وطنية عن جيل الستينيات، بل ربما يكون أكثر شجاعة وإقداما، لكنه جيل أصبح منقطعا عن التاريخ».

أحد الحاضرين سأل المنتدينَ في نهاية الاحتفال: «إذا كانتْ هذه هي المحرّق وتاريخها، فماذا فعلوا بالمحرق»؟ فأجاب عجوزٌ محرّقي بعاطفةٍ حارّة: «المحرّق باقية كما كانت إنْ شاء الله»، بينما ردّ آخر بجرعةٍ أكبر من الصراحة: «المحرّق قطّفوها، وقطعوا أجنحتها»... وربما لو أسهب لاستشهد بقرار تحريم بيع الأراضي على بعض المواطنين «الغرباء»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً