عندما أتحدّث أو أكتب أو عندما يتحدّث غيري أو يكتب عن المجالس وإنجازاتها، محاولينَ تذكر أو استعراض أهم إنجازاتها؛ لنشعر في نهاية المطاف بأنه ليست هناك إنجازات تستحق منّا أنْ نقف عليها، لنستشعر في النهاية بأنّ هناك إنجازات محدودة جدا، لا تليق بمكانة المجلس أيا كان نوع المجلس: نيابيا، شوريا أو بلديا، فنبالغ حينها بالوصف حينما نطلق عليها جزافا بأنها مجالس صورية أو ميّتة لا حياة فيها، قد يكون مرد ذلك عدة أسباب ربما أبرزها الجانب الإعلامي المغيّب أو التقارير المهنية الموثقة بمعنى لا أجد من بينها تقارير توثق أهم إنجازات المجالس البلدية، حتى لا أغالي بوصفها بالصورية أو قد تكون موجودة بالفعل ولكنها لم تؤخذ طريقها الصحيح في التداول، عموما هذا لا يعد محور حديثي وإنما:
ليس الهدف من الكتابات أو التعبيرات التي نطلقها من خلال الأعمدة التي نكتبها أو التصريحات التي نُدلي بها، خدش مشاعر النواب أو الأعضاء الممثلين؛ لأنهم وللأمانة يبذلون قصارى جهودهم في سبيل تحقيق الكثير من الإنجازات لصالح الأهالي والناخبين الذين وقفوا معهم أبان الانتخابات أرى ذلك بأم عيني وأقدرها ولا أشكك في أمانتهم ونزاهتهم حتى في حال عدم رؤيتهم وهم يذوبون، ولكن النقد كلّ النقد موجه حتما إلى الجهات الرسمية التي تستميت أنْ تضع العراقيل تلو العراقيل وأنْ تضع السدود وتقطع الطريق أمامهم لأسباب غير واضحة.
الجميع يعلم حتى المشكك منهم بأنّ صلاحيات المجالس بسيطة جدا ومحدودة، فالمقاطعون أحد أبرز أسباب مقاطعتهم هي تلك الصلاحيات المحدودة للمجالس والمعيقة لأداء النواب، والمشاركون أيضا يعلمون علم اليقين بأن هناك مساحات جدا ضيّقة أمامهم ولكن عليهم أنْ يمروا من خلالها وأنْ يحققوا المكاسب، من خلال استثمار كلّ الفرص الممكنة، لا أزايد في ذلك ولا مجال للمزايدة أصلا.
خليج توبلي يئن على سبيل المثال ليس لأنه لا يوجد هناك التفات إلى الخطط الجهنيمية لتقويضه والانتفاع منه من قبل المتنفذين الذين لا يشبعون؟ فالصحافة تطلعنا بين الفينة والأخرى على جهود المجلس البلدي الوسطى والعاصمة وإصرارهما على تحويله إلى محمية طبيعية، ولكن الإرادات الفوقية تحول دون ذلك، وكأنك تؤذن في مالطا، وغيرها من أمور أخرى تمس الجانب البلدي كملف السواحل ومقبرة عالي، أساسا لا نعرف عن تلك الملفات إلاّ من خلال جهود البلديين، و تبقى الإنجازات محدودة وغير مشهودة للقيود التي أشرنا إليها وليس للأداء.
ولكن ما أستغربه حقا أنْ يُؤوّل الكلام المكتوب أو يُفهم بصورة تختلف كلّ الاختلاف عن القناعات الموجودة، الكثير من الأهالي يتواصلون ويبثون شكواهم بأنّ المجالس البلدية على سبيل المثال لا تستطيع أنْ تقدّم الخدمات المطلوبة لأهالي الدائرة وأنّ الممثل البلدي غير قادر على تحقيق الحد الأدنى من برنامجه الانتخابي، بالمقابل نهدّأ الأهالي ونوضّح لهم الصورة بشكل يتناسب مع مستوى فهمهم وإدراكهم لأبعاد الموضوع ففي النتيجة النهائية هناك معوقات حقيقية في وجه المجالس، وعلى الممثلين أنْ يطالبوا بالمزيد من الصلاحيات وعليهم السعي لتحقيق إنجازات أفضل لدوائرهم وأهالي دائرتهم، وبالمقابل على الأهالي أنْ تتفهم طبيعة العمل البلدي وإدراك التحديات والصعوبات التي تواجههم، ومازلنا إلى الآنَ في بداية الطريق وبالصبر تتحقق الأمور لا مجال هنا إلى الاستعجال، ولكن لا يعني ذلك التهاون أو اليأس أو الإحباط، وبالتالي نضطر أنْ نضع رجلا فوق أخرى ننتظر حتى تزال المعوقات والصعوبات ليبدأ بعدها العمل الجاد.
أكرر بأنّ الذي يصف المجالس البلدية بأنها صورية على سبيل المثال لا ينتقد بطبيعة الحال أداء النواب ولا يشكك أبدا في إخلاصهم وتفانيهم في العمل، ولا في رغباتهم المتجهة لتحقيق الانجازات، وأنّ الملامة في نهاية المطاف هي الجهات الرسمية، التي يجب أنْ تفسح الطريق وتسمح للنواب للعبور إلى المناطق التي من خلالها يستطيعون تقديم ما يجب تقديمه، لأهداف تتعلّق بإنجاح التجربة البلدية ومشروع جلالة الملك الذي أعطى الشعب فرصة سانحة لأغراض تحقيق مشروعات خدماتية.
وضع القطار على سكته الصحيح مشروع وطني يجب على الجميع أنْ يكون عضوا في المشروع، فالمشروع لا يحتمل أنْ يكون هناك متفرّج يقف على قارعة الطريق، ويحمل في يده على سبيل المثال ورقة وقلم يكتب الانتقادات والسلبيات ويوجّه التهم إلى المشاركين، ويبقى هو مكانه بريء كلّ البراءة لكونه لم ينخرط في العمل فلم تتلوّث يده، الذي يريد أن ينتقد لابدّ له ان يكون واحدا من هؤلاء بالعمل أو بالأفكار التطويرية.
تناولنا للمجالس البلدية ليس بهدف الاستخفاف أو نكران الجهود أو إجحاف حق المخلصين الذين لا يوفرون جهدا، ولكن بهدف البناء والتطوير ولأهداف أخرى تتعلّق بالعمل على إنجاح التجربة وتسريع عملية الإصلاح.
استقبلت الكثير من الرسائل المهمة بهذا الاتجاه لذا رأيتُ من المناسب أنْ أرد عليها إعلاميا ومن خلال هذا العمود وأوضّح وجهة نظري التي فهمها البعض بصورة خاطئة، أرجو أنْ أكون قد وفقت في توضيح ذلك
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ