العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ

40 فضائية كفاية؟

في عصر الماديات تتراجع كل القيم النبيلة والأخلاقيات الأصيلة المنبثقة من العادات والتقاليد وكل ما هو جميل في حياتنا، ويصبح وحش الماديات كالسوس ينخر العظام ويسعى الكثيرون للأسف خلف هذه الماديات بكل السبل والطرق، سواء أكانت مشروعة أم لا.

ومن هؤلاء «تجار الإعلام» الذين لا يمتّون إليه بأية صلة، فيما راحوا يبثون سمومهم وأفكارهم الهدامة عبر الفضائيات، وجلّ هدفهم تحقيق أعلى قدر ممكن من الأرباح، علاوة على هدمهم القيم التي يتربى عليها النشء؛ مما حوّل هذا النوع من الفضائيات إلى قنبلة مزروعة في كل منزل، لا نملك نزع فتيلها. فمن يا ترى يستطيع؟

لم يعد العالم اليوم كما كان عليه قبل العام 1990، عندما كانت شاشة التلفزيون الوطني لكل دولة الملاذ الوحيد للمعرفة والاطلاع وتمضية أوقات الفراغ والتسلية ومعرفة آخر الأخبار التي لم تكن بالضرورة دوما أخبارا مهمة أو عاجلة. أما بعد انطلاق الفضائيات وانتشارها على نطاق واسع، فقد أصبح الأمر مختلفا حيث باث الخبر في متناول أي شخص لحظة وقوعه والتسلية متوافرة بكل أشكالها من موسيقى ومسلسلات حتى دردشة وتعارف والكثير الكثير غيرها. كل ذلك من دون وضع خطوطٍ حمراءَ حتى شروط على دخولها منازلنا.

تلك الكلمات ما هي إلا مقدمة لما أريد الوصول إليه. فقبل أيام قليلة مضت التقيت صديقة لم أرها منذ زمن بعيد (مشاغل الحياة منعتنا من التواصل، إلا عن طريق المسجات). تلك الصديقة أخبرتني أنها انتقلت إلى منزلها الجديد وهي الآن تقوم بترتيبه، مشيرة إلى أن أول عمل قامت به وقد استغرق منها وقت طويلا هو «فلترة» القنوات الفضائية الموجودة في جهازهم، موضحة أن هذا الأمر استغرق منها يومين كاملين. وقالت: «تعبت خلال هذين اليومين. ولكني اليوم مرتاحة؛ لأن أبنائي سيتمكنون من متابعة قنواتهم المفضلة من دون رقيب. هذا أفضل لي ولهم».

تلك الصديقة أخبرتني أنها قامت بذلك بعد أن وصل عدد الفضائيات في تلفزيونهم إلى 1500 قناة، غالبيتها بلا قيمة. وأوضحت أنها اليوم تملك 40 قناة متنوعة بين قنوات الأخبار، الأطفال، الموسيقى، الاقتصاد والرياضة.

بعد الحوار المطول الذي دار بيننا حول ذلك الموضوع، قررت أن أقوم بالعمل نفسه الذي قامت به تلك الصديقة، فاستغرق الموضوع مني أيضا يومين كاملين. إلا أني في النهاية لم أصل إلى 40 قناة، بل وصلت إلى 100 قناة، غالبيتها رياضية (حكم القوي على الضعيف).

بعد هذا الجهد الكبير في فلترة قنوات التلفزيون طرحت على نفسي سؤالا: هل فعلا نحن بحاجة إلى ذلك الكم من تلك الفضائيات؟ ثم إلى أين تتجه بنا تلك القنوات الفضائية؟ فكل يوم قناة جديدة باسم جديد. هل لها فائدة أم ليس هناك داعٍ لذلك الزخم؟ هل تستطيعون أنتم فلترة هذا الزحم من القنوات أو إيقافه؟

العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً