الكذب في حد ذاته مصيبة، والمصيبة تصبح أكبر حينما لا يكون الكذب «أزرق» أقصد «أبيض» كما جرت العادة لإيجاد الشماعة لتصويب ذلك الكذب وإيجاد مبررات له «من تحت الأرض»، والمصيبة يقينا ستتحول لكارثة إذا ما أرتبط ذلك الكذب بأسماء تندرج ضمن «السلطة الرابعة» وتعد إحدى القوى المؤثرة في توجيه سلوك فئة لا يستهان بها في المجتمع، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يدور حول أسباب ذلك الكذب والغاية من المجاهرة به وإعلانه من دون «حياء»، فها هي أحدى الإعلاميات تصرح في كل محفل بأنها الأولى على دفعتها الجامعية، ولعلها تغافلت أو تناست أو لم يكن في حسبانها أن «كذبتها» سرعان ما ستنكشف باعتبار الخليج كقرية واحدة وأن معظم الطلبة لا سيما في التخصص الواحد على معرفة ببعضهم بعضا، ولعل سوء حظها جمع بين أولى الدفعة «الحقيقية» وإحدى الصحافيات الأمر الذي أسهم في تناقل الخبر في الأوساط الإعلامية.
لا نستغرب ادعاءات معظم الفنانين بحصولهم على شهادة جامعية وبامتياز مع مرتبة الشرف أيضا، كما ولا نستهجن هذه الممارسات وغيرها من شرائهم للشهادات من خارج البلاد باعتبار معظمهم يأتون من طبقة إن لم تكن متوسطة فهي معدمة، وأن الشهادة الجامعية إذا تزامنت مع النجاح الإعلامي من شأنها أن تجعل من ذلك الفنان «سوبر ستار» ومحط احترام الجميع كونه فنانا يجمع بين الإحساس والعلم في قالب واحد، بيد أن التفسير الوحيد للجوء «الإعلاميين» إلى إطلاق وإشاعة مثل هذه الكذبات لا يبعد عن كونه «عقدة نقص» تستوجب علاجا نفسيا.
العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ