قررت السلطات السعودية تخفيض نسبة عدد المواطنين السعوديين أو ما يعرف بالسعودة في قطاع الصناعات التحويلية في البلاد. وقال وزير العمل السعودي غازي القصيبي: «إن النسبة ستخفض من 30 في المئة الى 20 في المئة في الصناعات الغذائية والمشروبات والملابس والنسيج والأثاث». وأرجع المسئولون السعوديون القرار إلى أن اصحاب الأعمال لا يجدون العدد الكافي من المواطنين السعوديين لشغل الوظائف الشاغرة في هذا القطاع. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن نائب وزير العمل عبد الواحد الحميد، قوله إن هذه الخطوة تأتي استجابة لمطالب المؤسسات الاقتصادية واحتياجاتها الفعلية للمزيد من الكفاءات والأيدي العاملة لتحقيق المصلحة العامة ودفع عجلة الاقتصاد الوطني.
لكن القصيبي كان قد أصدر قرارا في أبريل/ نيسان 2007 بوقف الاستقدام لمدة سنتين عن 107 شركات مسجلة في بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لعدم تحقيقها نسبة السعودة المطلوبة. وأوضح بيان، صدر حينها، عن وزارة العمل أن هذا الإجراء يهدف إلى الحد من تجاوزات بعض الشركات والمؤسسات بشأن نسب السعودة المطلوب تحقيقها في الشركات التي يعمل بها 100 عامل وافد فأكثر، ولم تسجل سوى 1 في المئة فأقل من الموظفين السعوديين. كما هدفت الوزارة من هذا الإجراء إلى القضاء على البطالة بتوظيف السعوديين استنادا إلى قرار مجلس الوزراء رقم 50 في 21 ربيع الثاني 1425هـ الذي حدد نسب السعودة المطلوبة بقطاع الشركات التي لديها 20 عاملا فأكثر.
وفي حديث له مع صحيفة «عكاظ» السعودية ردّ القصيبي على منتقدي خططه وقراراته لتوطين الوظائف وتوظيف النساء «إننا ندرك أن السعودة ليست محل ترحيب لدى بعض الذين تتضرر مصالحهم منها وهي عملية مؤلمة لمن تعودوا على عمالة وافدة رخيصة ومطيعة»، مؤكدا أنه لا يشعر بالإحباط وليست هناك إخفاقات، فالوزارة - على حد قول القصيبي - «حققت الكثير من الانجازات منها توظيف اكثر من 110 آلاف مواطن خلال حملة التوظيف الأخيرة وانتهت من إعداد مشروع متكامل لاستراتيجية التوظيف السعودية».
لقد زادت نسبة السعودة في القطاع الخاص لتصل إلى 13 في المئة خلال العام 2007 بزيادة مقدارها 0,35 في المئة عن العام 2006. وبلغ عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص حتى نهاية العام 2006 ما يربو على 765621 عاملا مقابل 5061235 لغير السعوديين، وبلغ عدد الذكور منهم 714565 والإناث 51056. وتمكنت وزارة العمل في العام 2007 من توظيف 36667 سعوديا وسعودية في مؤسسات القطاع الخاص من إجمالي 87622 تم ترشيحهم من قبل وزارة العمل. وتسعى وزارة العمل إلى زيادة نسبة السعودة في مؤسسات القطاع الخاص من خلال برنامجها الذي أعدته لهذا الغرض بما لا يتعارض مع مصالح الشركات ومؤسسات القطاع الخاص.
لقد بدأت المملكة العربية السعودية محاولات جادة لإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة منذ العام 1975، فيما عرف بظاهرة «السعودة»، من خلال ثلاث خطط خمسية، بعد أن تزايدت ضغوط البطالة وأعداد السعوديين الداخلين لسوق العمل، وحتى أواخر التسعينيات. وواجهت تلك الخطط العديد من المشكلات التي تَحُدُّ من نجاحها، وعلى رغم ذلك فإن التغيرات السكانية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع السعودي منذ ذلك الوقت أدت إلى خلق ظروف مواتية لنجاح خطط سعودة العمالة وخصوصا في القطاع الحكومي للمملكة، وبدأت الأصوات ترتفع مطالبة القطاع الخاص بالاستعانة بالعمالة السعودية بسبب البطالة بين السعوديين وخصوصا من خريجي الجامعات، وبدأت الدولة في وضع أهداف محددة في هذا المجال، وتمَّ صوغ آليات تضمن تحقيق هذه الأهداف، وهو ما يعني زيادة فرص نجاح عملية.
وتغطي استراتيجية سعودة العمالة في المملكة العربية السعودية فترة تمتد إلى 25 سنة خلال الفترة من 1999 حتى 2025، وتنقسم إلى مرحلة قصيرة الأجل مدتها 5 سنوات ومرحلة طويلة مدتها 20 عاما، وهما مرحلتان متداخلتان ومتكاملتان، وقد حددت هذه الإستراتيجية أربعة أهداف لها على المدى الطويل هي: بلوغ مستوى الاستخدام الكامل لقوة العمل الوطنية، الاستغلال الأمثل للقوى البشرية السعودية بما يؤدي إلى زيادة أعداد الداخلين إلى سوق العمل، غرس وتنمية مفاهيم الانتماء والمواطنة وقيم العمل في المجتمع السعودي، جعل استراتيجية القوى البشرية السعودية تواكب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وقد اعتمدت السعودية خلال السنوات الماضية سياسة تهدف إلى تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وزيادة عدد العمال السعوديين في القطاع الخاص.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ