بين البحرين والعراق الشقيق علاقة من نوع خاص. ويمكن القول ان كل مواطن بحريني فيه شيء من العراق، من هواء العراق، لا بل من هوى العراق، وعطر العراق.
وعلاقة البحرين بالعراق ليست حديثة، بل قديمة قدم جغرافية هذين البلدين. فيكفي المرء ان يعلم ان جلجامش العراقي المولد والنشأة وجد ضالته في دلمون/البحرين ووجد خلوده في بلاد اللؤلؤ او كما يسميها جلجامش بلاد عيون السمك التي لا يأكل فيها الذئب الشاة.
اذن علاقة البحرين بالعراق، تاريخية ضاربة في عمق التاريخ، واسطورية ضاربة في عمق الاساطير، ذلك ان تاريخ البحرين هو امتداد بشكل او بآخر لتاريخ ارض الرافدين، كما ان اساطير البحرين هي امتداد بصورة او بأخرى لأساطير بلاد بابل، والعكس صحيح.
إلا ان العلاقة بين البحرين والعراق الجريح منذ مدة، لا تقف عند التاريخ، انما تتجاوز ذلك إلى آفاق الماضي القريب والحاضر القائم وحتى إلى المستقبل. فما يحدث في العراق الآن يتجاوز العراق ليصيب كل المنطقة من دون استثناء. وطالما ان بلدنا / البحرين هي بهذا القرب الجغرافي والتاريخي، فلابد ان تتأثر بما يجري في بغداد، وما يجري في البصرة او في النجف، سلبا او ايجابيا.
اعود إلى القول ان علاقة البحرين بالعراق ليست كأية علاقة، بل هي من نوع خاص كما اسلفت القول. فهي علاقة متشابكة جدا يتضافر فيها الديني بالعرقي بالسياسي بالنفسي بالاجتماعي، بالروحي بالفكري بالثقافي. فعلى سبيل المثال لا يستطيع احد ان ينكر ما بين البحرين والعراق من وشائج دينية ومذهبية، كما لا يستطيع ان ينكر ما بين البحرين والعراق من وشائج اجتماعية/عائلية، ففي، العراق عوائل عراقية من اصل بحريني، وفي البحرين عوائل بحرينية من اصل عراقي، وفي العراق وفي البحرين عوائل موزعة بين البلدين، نصف هنا والنصف الآخر هناك. طبعا هذا جانب من العلاقة، إذ يطول المقام في الحديث هنا عن مختلف جوانب العلاقة والهوى البحريني تجاه العراق والهوى العراقي تجاه البحرين، وما بين البحرين والعراق هو أشبه بروح واحدة في جسدين.
وعندما اقول هوى فإني اقصد ما تعنيه الكلمة بالضبط، فكثير من طاقات وقيادات ومثقفي البحرين كانوا على علاقة بالعراق. تارة علاقة فكرية، وتارة علاقة اجتماعية، ومرة ثالثة علاقة عاطفية او اي نوع من العلاقة.
ولا تتوقف العلاقة عند مستوى النخبة بل هي اعمق وأسبق على الصعيد الشعبي، فمنذ كانت مقدسات في العراق، كانت ابصار اهل البحرين تشخص نحو القبلة العراقية، نحو العتبات المقدسة.
وفي ظل هكذا نوع من العلاقات والاواصر الروحية والاخوية والقومية والدينية بين البحرين والعراق، لا يسعنا إلا ان نشعر بالحزن العميق الذي يجتاح اهل البحرين من دون استثناء من جراء ما يتعرض له العراق من هجمة امبريالية بقيادة الولايات المتحدة الاميركية لا تبقي ولا تذر.
وايضا لا يسعنا إلا ان نقف ضد الهمجية الاميركية على ارض الرافدين، ضد كل التسهيلات التي تقدم إلى الاميركان هنا او هناك وأيّا كانت التبريرات.
فالعراق في قلب كل منا، في روح كل منا، وهو جزء منا ونحن جزء منه، وما يؤذيه يؤذينا والعكس صحيح. ومع ذلك لا يكفي ان نقول اننا نحب العراق، انما من الاهمية بمكان ان نقف بكل ما يمكن ضد الغزوة الاميركية ومهما كانت الذرائع. وما تقوم به اميركا هو غزو واحتلال لعراقنا الحبيب، لعراقنا الذي نرتبط معه في المصير، فسقوطه يعني سقوطنا من الماء إلى الماء، وصموده يعني ان عزة العرب ستظل كالراية المرفرفة. عاش العراق... الخزي للغزاة والمحتلين
إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"العدد 200 - الإثنين 24 مارس 2003م الموافق 20 محرم 1424هـ
يا عراق
كم انت كبير يا عراق
تظل شامخا