العدد 20 - الأربعاء 25 سبتمبر 2002م الموافق 18 رجب 1423هـ

مارسيل خليفة

ذلك الصوت القادم من برية لا نهائية، يفد عليك كأنه البشارة والوعيد ...حين يبدأ لعبته الشاقة والحرجة تكتشف الفارق بين الحدود المسنّنة و«الصرمحة» في ملاه تبدو كالندوب الخبيثة المليئة بالضريع وأشياء أخرى .

لم يكن هذا الصوت ليجازف بالمآزق العربية المتتالية ...كان يعمد إلى موقف ...بل قل مواقف جمّة يراهن من خلالها على طول هذا الانكسار وزمنته وكأنك تراه وقد استوى كعين الشمس .

* * * *

نؤجّل ضجرنا وانكساراتنا وربما يأسنا حين يأتينا صوتان في هذا الوطن الكالحة ملامحه من عراقة الصبر ومراراته ...صوت فيروز وهو يعبّد الأمل العربي عبر «راجعون» و«زهرة المدائن». ..ومارسيل عبر «أمي» ونشيد / نشيج آخر لا تسعف الذاكرة في استدعائه ولكنه يظل جزءا من ملح الذاكرة وملامحها .

* * * *

هل نمارس مديحا في هذا المقام؟ ذلك ما ينقصنا في استواء الهجاء الممتد من الخسف الى الخسف ...نحن هنا نمارس حريتنا في إطلاق عنان حواسنا كي تتذكّر مواهبها من جهة ...ونمارس في الوقت ذاته حرية أن نرى ونلمس ونشم ونسمع كما نملي على حواسنا لا كما تملي هي علينا ...نحن نمارس حقنا في اليأس كما نمارس حقنا في الأمل ...نمارس حقنا في الغناء كما نمارس حقنا في النعي ...وكثير هو ما ننعى .

* * * *

مارسيل خليفة ...مساحة من ذهاب مشروع ...ومجيء أكثر مشروعية من التسمّر أمام بيانات تنضح بالنزع الأخير من الحياة .

وهنا... نحاول أن نرى فيما يرى النائم ...أن أغنية ذهبت إلى حدودها القصوى من الشك ومحاولة ارتكاب الصاعق من الحواس ...فجأة بدا لنا أن الأغنية لم تكن سوى محاولة أخيرة لارتكاب الحياة وتعلّم التنفس بشكل حر .

ومارسيل المجبول على الحياة ...محاولة أكيدة لإعادة الحياة إلى صوابها الغابر

العدد 20 - الأربعاء 25 سبتمبر 2002م الموافق 18 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً