من أصعب الأمراض المستعصية في المجتمع هو ما يمكن تعريفه بأنه «شعور المرء بأن الناس لا يمكنها أن تستغني عنه، وأنه الأجدر على قيادتهم».
المبتلى بهذا المرض ينشط في البداية في المجتمع ويسعى لخدمتهم، ومع تراكم السنوات في هذا النشاط يشعر بأهمية نفسه، ومع رجوع الناس له تتولد لديه القناعة بذلك.
لكن مع تراكم تلك السنوات تبرز التحديات بظهور منافسين له على الساحة قد يكونون منافسين بمعناها الحرفي أي يسعون لسرقة الأضواء منه، أو منافسين بمعناه الأدبي أي يتنافسون معه لخدمة المجتمع.
من هنا يبدأ صاحب «الأنا» الشعور بالخوف من أن يتم تجاوزه، فينحرف عن منطلقاته السابقة ويسعى إلى الدفاع عن موقعه بأية طريقة، وإن تطلب هذا الأمر التحايل على المبادئ التي كان يؤمن بها ويدعو إليها.
وعلاج هذا المرض ربما يكمن في نقطتين: الأولى تكون قادمة من خارج «الأنا» - أي من المجتمع الذي يعيش فيه صاحب المرض - وذلك بخلق نوع من «الصدمة» التي توقظه من أحلامه «النرجسية» وتجعله يعيش الواقع بما تقتضيه سنّة الحياة وعبر الأولين في تداول الأدوار.
أما النقطة الثانية والنابعة من داخل «الأنا» فهي محاسبة النفس، ولا يمكن أن تنطلق إلا بعودة صاحب المرض إلى القيم والمبادئ التي كان يدعو إليها ويسير بهديها، وتمتاز هذه النقطة بالصعوبة.
لكن يبقى أن المجتمع لا يهتم كثيرا بهذا المرض؛ لأنه لا يصدق الأقوال كثيرا بقدر ما يؤمن بما يراه من أفعال.
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1999 - الإثنين 25 فبراير 2008م الموافق 17 صفر 1429هـ