أطلقت الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي 22 فبراير/ شباط 2008 تحذيرا من خطر تراجع مخزون الثروات السمكية حول العالم خلال العقود القليلة المقبلة، جراء تهديدات الاحتباس الحراري والصيد الجائر.
وكشف البحث الجديد الذي أجراه «برنامج البيئة للأمم المتحدة» الخطر المتمثل في ارتفاع درجات حرارة أسطح المحيطات، بجانب التغيرات المناخية الأخرى، وتأثيره على الصناعة السمكية.
وتعد الأطعمة البحرية مصدرا للبروتينات لأكثر من 2,6 مليار شخص حول العالم. وعقب رئيس البرنامج آشيم شتاينر، أن تجاهل جميع هذه العوامل يعني «دق مسمار في نعش الثروة السمكية العالمية». وألقى البحث بالضوء، ولأول مرة، على الآلية المساعدة في تجديد المخزون السمكي في 3 أرباع أهم مناطق إنتاج الثروة السمكية على مستوى تجاري حول العالم. وقال واضع التقرير، كريستيان نيلمان، «إن 50 في المئة من الشعاب المرجانية ستختفي بحلول العام 2050 بسبب ظاهرة «التبييض» bleaching، التي يتسبب بها ارتفاع درجات حرارة أسطح المحيطات.
وطبقا لتقرير منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة فقد تسببت موجات المد العارمة (تسونامي) في سحق 4500 من مراكب صيد الأسماك، الأمر الذي يعرض مصدر رزق 120،000 نسمة من ساكني قرى صيد الأسماك هناك للخطر.
والثروة السمكية هي إحدى الثروات المائية الحية وهي من المصادر الطبيعية المتجددة، التي لها القدرة على تجديد نفسها عاما بعد عام من خلال عمليات التكاثر الطبيعية. ولهذه المصادر أهمية متفاوتة بين البلدان المختلفة.
وتشكل الثروة السمكية مكونا مهماّ في قاعدة الموارد العربية التي يمكن الاعتماد عليها لسد الفجوة الغذائية، وخصوصا من البروتين الحيواني. وتعتبر موارد الثروة السمكية العربية من الموارد القليلة التي يحقق الإنتاج منها فائضا تجاريّا موجبا على المستوى العربي العام، إذ يمتلك الوطن العربي وفرة نسبية من الثروة السمكية، سواء كان ذلك من الموارد البحرية، أو موارد المياه العذبة السطحية.
ولا تختلف البيئة البحرية عن أي فرع آخر من فروع البيئة مثل الصحراء أو الغابات أو غيرها، فالعنصر الذي لا غنى عن وجوده في أي نظام بيئي سليم هو التوازن، إذ إن الحفاظ على التوازن بين نشاطات أعضاء ومكونات نظام بيئي معين هو الذي يؤدي إلى استمرار ذلك النظام بالشكل الذي نعرفه، أما الاختلال الذي يطرأ على النظام، أو على نشاطات مكوناته، فهو الذي يقود إلى الاختلال، وبالتالي ظهور الأعراض السلبية، وتدهور الوضع البيئي.
ويمكن لمثل تلك الاختلالات أن تنشأ نتيجة عوامل طبيعية (مثل التغيرات المناخية)، أو نتيجة تدخل الإنسان في ذلك النظام بشكل أو بآخر، ما قد تنتج عنه آثار قصيرة أو بعيدة المدى، أو آثار لا يمكن تصحيحها.
والثروة السمكية هي إحدى المكونات الحية للبيئة البحرية، وتعد من أهم المصادر الطبيعية التي استغلها الإنسان مصدرا للطعام، وقد تغير الوضع نوعا مَّا هذه الأيام إذ تحول جزء كبير من إنتاج المصائد السمكية في بقاع مختلفة من العالم إلى مواد خام لصناعات أخرى، كما أن التطور في استخدامات الثروة السمكية، صاحبه نمو متزايد في عدد سكان الأرض، نتجت عنه زيادة الحاجة إلى استهلاك الغذاء، وخصوصا الغذاء الغني بالبروتين. لذلك كانت الحاجة ماسة لزيادة الإنتاج من الأسماك، التي تعتبر من الأغذية الغنية بالبروتين، وزاد استغلال الثروة السمكية بالقرب من المناطق الساحلية في كثير من البلدان، ما اضطر بعض منها لأن تبحث عن الثروات السمكية في مناطق بحرية بعيدة عنها. وأدى ذلك إلى ازدياد أحجام أساطيل صيد الأسماك، وإلى ازدياد حجم القوارب، وزيادة كفاءتها، وخصوصا مع بدء استخدام المحركات العاملة بالطاقة بدلا من الأشرعة والتجديف لتسيير قوارب الصيد. وظهرت أساطيل متخصصة في صيد أنواع معينة من الأسماك، وجابت هذه السفن البحار المختلفة، بحثا عن صيد جديد، وأنواع جديدة تستغلها.
كل هذه الأنشطة الإنسانية المضرة بالبيئة البحرية بشكل مباشر، تضاف إليها التأثيرات السلبية غير المباشرة، تدق ناقوس الخطر في وجه من يدعي أن الحفاظ على البيئة البحرية، ومن ثم الثروة السمكية، من الموارد الوطنية التي ينبغي الحفاظ عليها وصيانتها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1998 - الأحد 24 فبراير 2008م الموافق 16 صفر 1429هـ