العدد 1996 - الجمعة 22 فبراير 2008م الموافق 14 صفر 1429هـ

مقارنة مجحفة

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

لا يمكن لأيّ مراقب للوضع السياسي في البحرين أنْ ينكر الدور الذي لعبته الصحافة المحلية - بوصفها وسيلة الإعلام الوحيدة غير الرسمية في مقابل التلفزيون والإذاعة الرسميين- في العملية السياسية منذ تدشين المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. ما حدا ببعض السياسيين إلى القول إنّ أسرع وأنشط حراك « ديمقراطي» بالمعنى الحقيقي تقوم به الصحافة. وعلى الرغم من أننا لا ندعي « كمالها» في قيامها بالدور المنوط بها مع المعوقات الكثيرة جدا المحيطة بها، إلا أننا لا يمكن أنْ نتجاهل قيادتها أحيانا للمشهد السياسي، وتحريكها للسلطات الأخرى، التشريعية والتنفيذية، وأحيانا القضائية.

ففي ظل مجلس تشريعي شبه مقيّد الصلاحيات، وسلطة تنفيذية قوية جدا، وجدت الصحافة نفسها مضطرة أحيانا أنْ تقود الساحة فتطرح هي القضايا التي تتحرك على أساسها السلطات الأخرى، فأثقلت كاهلها، وحملت نفسها الكثير، والمشكلة الأكبر هي أنّ كثيرين لا يعترفون لها بهذه القيادة على أرض الواقع، بل أنك تشعر أحيانا بنوع من «الجفاء» و» العداء المبطن» بين أعضاء الصحافة وباقي السلطات. ولو تفهمنا الأمر بالنسبة للسلطة التنفيذية، على اعتبار أنّ من الطبيعي أنْ تكون الصحافة كائنا مزعجا بالنسبة إليها يتخطى الروتين ويكشف الأوراق المستورة، إلا أنّ «الجفاء» بين الصحافة وبين أعضاء السلطة التشريعية، وهو الجفاء الذي يظهر على السطح بين فترة وأخرى،أمر يحتاج إلى مزيد من التأمل.

هذه العلاقة المبنية على أساس « عدم الثقة» أو « الشك» تعبّر عن وجود واقع من الاختلال في تقدير كلّ من السلطتين – إنْ جاز لنا في البحرين أنْ نعتبر الصحافة سلطة الآنَ- لدور الأخرى. بل أنّ مراقبة فاحصة لما يجري في الواقع الصحافي/ التشريعي تجد معه أن هناك تنافسا مستترا أو علنيا بين الإعلام – ممثلا بالصحافة- وبين ممثلي السلطة التشريعية – وربما يكون النواب المنتخبون أقرب في هذا المثال- على مراقبة السلطة التنفيذية. لا نحتاج إلى تأكيد على ضرورة التعاون بين هاتين السلطتين على اعتبار أن كلا منهما مكمّل للآخر، فالجميع يعرف ذلك ويحترمه ويؤكّد عليه، ولكننا بحاجة إلى بعض التقدير للدور الذي تلعبه هذه الصحافة، التي لا تمتلك مبنى فخما كمبنى مجلس النواب، ولا يمتلك ممثلوها رواتب يحدسهم عليها الناخبون، ولا يستند العاملون فيها على حصانة برلمانية، بل أنهم لا يملكون حتى قانون يحمي حقوقهم وينظم مهنتهم، ومع ذلك يقومون بالرقابة وكشف الفساد. التنافس غير واقعي في هذه الحالة والمقارنة مجحفة، لكن قياس حجم الموارد، والمعوقات، ثم مستوى الإنجاز لكلّ منهما أمر ضروري لتحقيق فهم أعمق لما يَجْري على الساحة السياسية.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1996 - الجمعة 22 فبراير 2008م الموافق 14 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً