في الوقت الذي بدأت فيه وزارة الإسكان بتوزيع بعض المنازل على المواطنين، ووعدت آخرين، نجدها تبشر الجميع بالشقق الإسكانية، بل وتروج لهذه الشقق! ففي الأسبوع الماضي قال مسئول في الوزارة إن الوزارة ستقوم بإعداد برنامج توعوي للمواطنين يعلمهم بمزايا الشقق... وكأن المواطنين لا يعرفونها!
ولا أدري إذا كان هذا ينسجم من التوجيهات الملكية السامية بالانتهاء من جميع الطلبات خلال خمس سنوات، أي أكثر من 37 ألف طلب للوحدات السكنية، فتلبية الطلبات تعني حصول المقدم على ما طلبه وليس على شيء آخر، ويبدو أن الوزارة تماطل في ذلك.
وكان على المسئولين أن يبيِّنوا الخطة التي وضعوها لتلبية هذه الطلبات، فبحسب المعلومات أن الفلل في المدينة الشمالية عبارة عن منازل بطابقين تسكن كل عائلة في طابق واحد، وهذا يعني أن الوزارة تريد فرض نظام الشقق على المواطنين من دون الاستشارة أو حتى أخذ الموافقة منهم، فالمواطنون ينتظرون 10 و20 سنة للحصول على منزل أحلامهم... منزل صغير يلم عائلتهم معا، ولو كانوا يريدون شقق لبنوها في بيوت آبائهم.
المواطن البحريني يصاب بحسرة، بل بحسرات، حين ينظر إلى دول الخليج المجاورة وتوافر السكن الجيد لمواطنيها، فوجود منزل يضم أبناء العائلة الواحدة هو من أساسيات الشخصية الخليجية والبحرينية، والعيش في شقة التي يريد المسئولون الترويج لها، أو بالأحرى محاولة فرضها على المواطنين بطريقة أو بأخرى، لا يلائم الشخصية البحرينية، ونحن لسنا مضطرين إلى ذلك، والسؤال هو: إذا كانت الشقق بها مميزات وما إلى ذلك لماذا لا يسكن المسئولون فيها وهم على علم جدا بميزاتها؟!
البحرين تحتوي على مساحات شاسعة من الأراضي، وعلى الحكومة (فقط ولا أكثر) أن تعطي أراضي مجانية للقطاع الخاص الذي يستطيع أن يوفر منازل بأسعار تتراوح بين 30 و40 ألف دينار بالاتفاق مع الحكومة، وأكثر من شركة خاطبت الحكومة للحصول على ذلك لكنها لم توفق.
ثلثا البحرين غير مأهولة بالسكان والتبرير بعدم وجود أراض للتوجه للبناء العمودي يراد له أكثر من تفسير وتعليل بوجود هذه المساحات الشاسعة من الأراضي، أما القول إن هذا توجه عالمي فهناك الكثير من التوجهات العالمية فهل نحن نتابعها كلها؟ اختلاق الأعذار لفرض الشقق على الناس واضح جدا.
أما عن أن كلفة الشقق أقل، فذلك صحيح ولكن ليس لأن كلفة البناء أقل، بل لأن الشقق لا تتطلب أراضي مستقلة لبناء الشقة الواحدة، فمتوسط سعر المنزل 30 ألف دينار، أما سعر الشقة فيصل في المتوسط إلى 35 ألف بحسب المناقصات التي أرسيت لبناء مشروعات الإسكان عن طريق مجلس المناقصات.
أرجو من المسئولين حين يتحدثون إلى الناس أن يقولوا الواقع... ربما لا توجد أراض للوزارة، وهذا له مسببات يعلمها الجميع، أو عدم وجود المخصصات وهذا ما على النواب مناقشته وكشف الأرقام السرية في الموازنة وخصوصا مع الطفرة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، التي لم يحصل المواطن منها لا على أخضر ولا يابس.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1991 - الأحد 17 فبراير 2008م الموافق 09 صفر 1429هـ