العدد 1990 - السبت 16 فبراير 2008م الموافق 08 صفر 1429هـ

وطنية ضحايا «الاتجار»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

لا يمكننا اليوم أن نتغاضى عن ممارسات الفساد الأخلاقي في أي مجتمع كان، وخصوصا أن تجارة الدعارة بشتى أشكالها وأصنافها معاشة داخل مجتمعاتنا الخليجية والبحرين واحدة منها. فالاتجار بالبشر في مجال الدعارة تحديدا هي تجارة مربحة للغاية، والعناصر التي تجلب عبر هذه الأساليب وتترك سائبة في شوارع البحرين وبعض دول الخليج تسخر فيما بعد لأغراض أخرى، منها من يأتي لجمع المال في وقت قصير بعطلة نهاية الأسبوع عن طريق دولة خليجية, وآخرون يأتون عن طريق متنفذين ليبقوا سنوات طويلة ضيوفا في فنادق الخمس النجوم, ومن ثم يجدون أنفسهم في الشارع في حال توفي المتنفذ بعد أن خسروا صلاحياته.

البعض منها يجد طريقا ليبقى في بلدان الخليج، بل وتذهب في انخراط مجالات مختلفة لتلبس رداء غير ردائها وتنخرط في مجالات مختلفة لتغطي عن «كارها» أي مهنتها القديمة، مقدمة بذلك خدماتها من أوسع الأبواب جراء إقامتها ولصالح جهات معينة بداخل الدولة التي تستغلها في أمور عدة.

وزهاء ذلك تتلقى أجرها وعطاياها التي تذهب اليوم بمنحها حقوق المواطنة كما حصل مع نفر في البحرين، لكنها تبقى أجيرة مثل العبد لا يمكنها أن تخرج من هذه الدائرة التي دخلتها بطرق غير شرعية، فيصبح عملها المخبري وجسدها وجلسات اللمز والغمز, محيطها الذي أنعم عليها بنعمة الإقامة بداية ومن ثم نعمة الجنسية البحرينية مقابل هذه الخدمات ومقابل ارتداء ثوب التقوى أولا والوطنية ثانيا.

ولكون أصحابها شخصيات مهزوزة، فحالات التقوى التي تظهر بها في مناسبات هي جزء من تركيبة شخصيتها المعقدة في أن تكون شخصا معتدلا، حتى أنها في وقت مضى فشلت في تحقيق مآربها لارتداء ثوب الحشمة والعفة الذي لم يستمر طويلا, لأنه ليس من طبيعتها و «عادت حليمة لعادتها القديمة» أي على شكلها الحقيقي المبتذل في ممارسة تصرفات كانت تخفيها بتمثيل متقن.

ولكوننا نعيش في مجتمع صغير فلا شيء يخفى على الجميع، وخصوصا في النسيج البحريني المعروف، على رغم نشوب مجتمع جديد لا علاقة له بأهل البحرين لا من قريب ولا من بعيد، فإننا نعيش اليوم مع أبنائنا عصرا لا مثيل له من ضحايا الاتجار بالبشر الذين في لمح البصر أصبحوا يزايدون على الوطنية بل ويتحدثون عن البحرين بمبدأ زائف يعريهم بدلا من أن يرفع شأنهم داخل مجتمع يعرف مقدار حجم هذه الشخصية المزدوجة التي لا يمكن أن تخفي مكنونات نفسيتها المضطربة، بين البقاء في «كار» أقدم مهنة في العالم وبين البحث عن حياة تحفظ ما تبقى من حياتها ذرة كرامة هذا إن تبقى شيء فعلا.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 1990 - السبت 16 فبراير 2008م الموافق 08 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً