العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ

وبدأت الحرب فماذا نحن فاعلون؟!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

وبدأت الحرب الاميركية ضد العرب والمسلمين علنا بعد ان كانت قبل ذلك حربا غير معلنة في معظم اوقاتها. حاربت اميركا لانهاء الحركات الاسلامية والجمعيات الخيرية كما مارست ضغوطا هائلة على الدول العربية لتغيير مناهجها. وها هي تبدأ حربا ضد اخواننا في العراق كمرحلة أولى من مشروعها الاستعماري الذي ما برحت تتحدث عنه باستمرار وها هو الرئيس الاميركي يمارس استخفافه بالعقل العربي وهو يتحدث عن هذه الحرب الاجرامية بانها طريق الحرية للعراقيين وانه انما قدم لتحقيق الأمن والرفاهية للشعب العراقي وكأن هذا الرئيس لا يعرف ان اهدافه الاستعمارية باتت واضحة لا تحتاج إلى دليل، وانا شخصيا اعذر هذا الرئيس لانه يعمل على تحقيق مصالح بلده الاقتصادية والسياسية وغيرها من الاهداف ولكنني اعجب من دولنا العربية وهي تفرط في مصالحها وتسمح بصورة أو بأخرى للاميركان بتنفيذ مشروعهم الاستعماري في العراق واعجب كذلك من صمت العالم الاسلامي ودوله وهو يرى هذا الارهاب الذي يمارسه الاميركان على دولنا وشعوبنا وثقافاتنا. الرئيس الاميركي في كلمته بمناسبة بدء الحرب كان يتمنى ان يعود جيشه سالما وكان يدعو الله ان يحقق له آماله. ونحن كذلك ندعو الله ان يحقق السلامة للعراقيين وان يهلك المعتدين الظالمين واذا كنا ندرك ان الدعاء لا يكفي وحده واذا كنا ندرك ان الامل بات مفقودا في تحرك القيادات العربية فإن املنا يتوقف على شعوبنا العربية والاسلامية وعلى المنظمات الاسلامية المتعددة... أتطلع إلى رابطة العالم الاسلامي احدى اكبر المنظمات الاسلامية فأراها لم تقم بواجبها لحماية شعب عربي مسلم يتعرض إلى الابادة في الوقت الذي نرى تحرك بابا الفاتيكان وبعض الكنائس العالمية في انكار هذه الحرب ووصفها بالظلم. يتحرك هؤلاء ويسكت كثير من علماء الأمة الاسلامية في وقت لا يصح السكوت فيه.

صحيح اننا سمعنا بعض الاصوات تعلن عن رأيها في هذه الحرب بصراحة ووضوح وصحيح اننا سمعنا فتوى الأزهر التي تكفر كل من يتعاون مع الاميركان بأية صورة من الصور ولكننا نحتاج إلى وقفة اكثر قوة وصراحة من كل علماء الامة ومفكريها كي يكون كل مسلم على بينة من امرة ويعرف كيف يتعامل مع هذا الوضع الذي فرض عليه... علماء الامة معنيون بالدرجة الاولى على دفع المسلمين كلهم لمساعدة الشعب العراقي والوقوف الى جانبه في هذه المحنة بكل انواع المساعدات وكذلك مقاومة الاميركان في كل انحاء العالم بكل الوسائل المتاحة لاشعارهم بأن العراق لايقف وحده في هذه الحرب واشعارهم كذلك ان الأمة الاسلامية والعربية مازال فيها بقية من حياة وبقية من كرامة وانها لم تستسلم بعد لجزّاريها. من واجب علماء الامة ومفكريها ان يضعوا العرب كلهم على الطريق السليم ليعرفوا مخاطر هذه الحرب على حاضرهم ومستقبلهم وعليهم ان يضعوا لهذه الأمة برنامجا واضحا للخروج من هذه الأزمة بأقل الاضرار.

واذا كان المسلمون يضعون بعض الآمال على رابطة العالم الاسلامي فإنهم يضعون آمالا اخرى على منظمة المؤتمر الاسلامي التي اسست كي تكون الصوت المسموع للدول الاسلامية ولكن صوت هذه المنظمة بات خافتا هو الآخر إزاء الحوادث في العراق وازاء الحوادث التي تنتظر دولا عربية اخرى بعد العراق. المسلمون ينتظرون ان تقوم هذه المنظمة بدورها بصورة صحيحة لان تأخير القيام بهذا الدور لن يكون في مصلحة العرب ولا المسلمين... ان الاميركان ضربوا بكل القوانين الدولية عرض الحائط واعتمدوا على قوتهم وغرورهم بهذه القوة واصبحوا يتحدثون عن كيفية تقسيم ميراث العراق بينهم ولم يتوقعوا ان هذا الغرور قد يدفعهم إلى الهاوية ويكون بداية النهاية لهم... مرة اخرى اذا كنا قد فقدنا الأمل في تحرك القيادات العربية فإن املنا باق في ادارك كل فرد في مجتمعنا لدوره في هذه المعركة قياداتنا لم تفعل كما فعلت النمسا التي منعت الطائرات التي تحمل جنودا اميركان من التحليق فوق اراضيها كما منعت القطارات التي تحمل جنودا اميركان من اجتياز مدنها واعتبرت هذا السماح عملا عسكريا موجها ضد العراق ولكن القيادات العربية تجاهلت كل واجباتها وكانت تقول شيئا وتفعل شيئا آخر ولهذا فنحن لا نعول كثيرا عليها وانما الامل يبقى محصورا في الشعوب العربية وعلماء الامة ومفكريها وعلى كل هؤلاء ان يقوموا بدورهم كاملا في هذه المرحلة لان وجودهم احرارا في المستقبل يعتمد على طريقة ادائهم في هذه المرحلة... ان امتنا كلها تمر بمرحلة من اسوأ مراحلها التاريخية وعليها ان تعي خطورة هذه المرحلة ولا تلتفت إلى أولئك المخذولين الذين يخدمون المخططات الاميركية ببلاهة شديدة ويرددون بغباء ما يقوله الاميركان... على الوعي العربي يعتمد مستقبل الأمة فهل يكون ابناء الأمة على مستوى التحديات أرجو ذلك؟؟

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً