العدد 1979 - الثلثاء 05 فبراير 2008م الموافق 27 محرم 1429هـ

ماذا تريد الحكومة من المجلس النيابي؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

ماذا يريد الشارع من المجلس النيابي بعد مطالبات عدة بعودة الحياة النيابية؟ بات الجواب واضحا ومعروفا؛ لكون الشارع البحريني تحديدا يفهم أهداف ومرامي المجلس النيابي ومهماته التشريعية والرقابية وفائدته لتنشيط الحراك السياسي وتطوير الديمقراطية واسترجاع الحقوق، ذلك لكون الشارع البحريني أيضا واعيا سياسيا.

ولكن ماذا تريد الحكومة من المجلس النيابي؟ سؤال مبهم غير واضح المعالم ولايزال تشوبه الضبابية وعدم الوضوح، فهناك الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام عليه، ويلفه الغموض لتذبذب الاستجابات والمواقف تماما كالحية التي تبدل جلدها.

ومحاولة جاهدة في سبيل معرفة ما الذي تريده الحكومة من المجلس النيابي؟

يتطلب منا تحليل العديد من المواقف الحكومية مرورا بالكثير من المحطات النيابية، فنجد من خلال التحليلات أيضا أنه لايزال تشوبه المواقف الضبابية وعدم الوضوح، فالعلاقة أحيانا تكون غرامية وغزلا صريحا للنواب نتلمسه من خلال رغبة الحكومة في زيادة رواتب النواب وموافقتها على تقاعد النواب، وفي قراءة سريعة عليه يتضح أن الحكومة راضية كل الرضا عن أداء النواب وقليل من التدقيق والاستوقاف نجد أن القضية ليست قضية رضا وإنما إرضاء، في محاولة منها إلى تطييب خواطر النواب وبالتالي ضمان إعاقة عملهم وتسيير عملها بلا رقابة ولا تشريع ولا هم يحزنون، ويتحول المجلس إلى مجلس إقرار لا تشريع.

تريد الحكومة من المجلس النيابي في محاولات مستميتة أن يكون مجلس للبصم وأن يكونوا بصّامين، على كل مشروعاتها وخططها وأن يهزوا الرأس لكل ما تقوله الحكومة وأن يقولوا سمعا وطاعة يا مولاتي الحكومة، ويعارضوا كل ما من شأنه أن يتعارض مع توجهات الحكومة، طبعا الحكومة لا تغامر ولا تعرض نفسها لمغامرة غير مأمونة العواقب بعد تدخلاتها السافرة التي سبقت تشكيل المجلس النيابي وتحكمها في التركيبة النيابية، فما آل إليه المجلس النيابي هو أغلبية موالية مقابل أقلية معارضة، فلا يهيبها مشاركة المعارضة ولا خططها فالكثرة تمثل إرادة الحكومة الواعدة.

والمعارضة ذنبها على جنبها، وعليها أن تتحمل قرار مشاركتها لكونها تمثل في مسرح غير مسرحها ويقدمون عملا مسرحيا لجمهور غير جمهورهم، فمن الطبيعي أن يكون التصفيق لغيرهم، ولهم الانتقادات.

لمعرفة ماذا تريد الحكومة من المجلس النيابي؟ للإجابة عليه علينا أيضا أن نتأمل جيدا في تعامل الحكومة مع المجلس النيابي وهل تتعامل معه بتعاون ومرونة أم بصلابة وتجاهل، أم باستخفاف، أم بتبادل مصالح؟

ما يؤسف له أن حال العلاقة وللأسف الشديد يسودها التجاهل والاستغفال، هذا ليس فقط يمثل رأي الكتل المعارضة، فحتى الموالية منها لطالما صرحت في أكثر من موضع بأن الحكومة غير متعاونة ويحملونها المسئولية، وإن كان في بعض الأحيان يحاولون البحث عن شماعة لهم تتحمل أوزارهم، فهم برضاهم وبقناعتهم راضون ومرضيون على عدم تعاون الحكومة معهم.

والأدلة كثيرة في هذا الصدد، فهم غالبا ما يتخندقون في خندق الحكومة لضمان تحقيق المصالح المشتركة فهناك سيل من الامتيازات والاستحقاقات تمر تحت الطاولة، إذ إن إزعاج الحكومة يعني الحرمان والإقصاء وهناك طوابير أخرى تنتظر أن تنجز، وستتعطل إذا ما تمردوا وأصبحوا غير مطيعين والويل كل الويل آنذاك.

باختصار شديد وفي اجتهاد شخصي مني لا تريد الحكومة من المجلس النيابي أن يكون مجلسا معارضا، البتة، بل تريده مواليا ومؤيدا لها ولسياساتها الحالية والمستقبلية، لا تريد له أن يكون على مستوى من الإنجاز بل تريده أن يكون كسيحا معوَّقا مشلولا غير قادر على الحراك ولا حول له ولا قوة، وما تريده من النواب الكرام وباختصار أيضا هو أن يكونوا كالببغاوات تماما يرددون كل ما يقال لهم، وتريد منهم السمع والطاعة والعصا لمن عصى شعارها الدائم الذي من خلاله يتحقق الوعد.

لم يعد بعد الآن ومن خلال المتابعات والمواقف المختلفة «ماذا تريد الحكومة من المجلس النيابي» سؤال صعب، وبعد الوقفات التحليلية الهادئة لبعض المواقف التي حدثت طوال عمر المجلس النيابي الحالي والسابق، لا تزال الحكومة تمثل النجم الساطع في سماء العمل السياسي، ولايزال مستشاروها هم المهيمنون على دفة العمل النيابي، ولاتزال المسيطرة على أجندة المجلس النيابي، ومازالت تستنفر وتثور ثائرتها عندما يمرر على أجندة المجلس ملف معارض تعلن حينها حالة الطوارئ وتجنّد ما لديها من إمكانات لتعطيل الملف، رغم علمها المسبق بأن الغالبية في يدها وبذلك تكون قد سيطرتْ سيطرة تامة على التشريع والرقابة، فالمجلس موجود كجسد ولكنه معطل عن أدواره.

ستظل كتلة المعارضة في المجلس النيابي وإن كانت الكتلة الأكبر وفقا للمعادلة الحالية تنعق كالغراب نسمع صوتها ونرى تحركها ولكنها لا تستطيع أن تحرز النتائج إلى أن يأكلها الإحباط السياسي وإلى أن تحرج من قواعدها وتحترق، وستظل مملكة الطيور مختطفة من قبل الحكومة تنفذ فقط كل ما تمليه عليها الحكومة تماما كالببغاوات، فلا خوف من النسور ولا أثر للصقور في مملكة الطيور، احتراما منهم لرغبة العزيزة الحكومة، فهي لا تريد منهم سوى أن يكونوا طيورا أليفة غير جارحة أو خادشة ولا مقاومة، سهلة التربية لتمرير ما يطيب لها، وبذلك نكون قد أجبنا على السؤال: ماذا تريد الحكومة من المجلس النيابي؟ انتهى الجواب ونحتاج إلى أن نتأمل في الواقع لتصحيح الجواب.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1979 - الثلثاء 05 فبراير 2008م الموافق 27 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً