العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ

الصبيح والمبارك دروسٌ وعِبرٌ للجميع (1)

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

وزيرة التربية الكويتية نورية الصبيح أخيرا، ومن قبلها وزيرة الصحة السابقة معصومة المبارك أنموذجان رائعان يحتذى بهما، وتجربتهما سواء في تقلدهما مسئولية الوزارة، وإدارتهما، واستجواب الأولى واستقالة الثانية، تتضمن الكثير من الدروس والعبر للجميع بلا استثناء، وتجربتهما لهما انعكاساتهما الإيجابية على المرأة عموما والمرأة الخليجية خصوصا.

فالصبيح وافقت على قرار الاستجواب المقدم من النائب محمد الشريع، ووقفت في يوم الاستجواب بكل جرأة وشجاعة على منصة الاستجواب لساعات، بعد أن استمعت مع الحضور - الذين امتلأت بهم المدرجات - للإيثارات التي طرحت من قبل المستجوبين. تلقت الاستجواب بإيماءات وحركات تبيّن استعدادها وعدم شعورها بالقلق أو التوتر فكانت نجمة الجلسة.

وقد تألقت حينما بدت على مستوى راقٍ من الوثوق بالنفس والاعتداد بها. استطاعت أن تفند كل محاور الاستجواب بطريقة مقنعة وأداء موفق، على رغم علمها أنها مستهدفة ومطلوبة للاستجواب وأن هناك رغبة تزداد يوما بعد يوم، ليس لكونها مقصرة فعلا في أداء دورها وواجبها كما يدعي البعض، ولا لأنها غير قادرة على إدارة دفة وزارة التربية وهي بنت التربية، بل لكونها متورطة في موضوع أكبر، وعليها أن تنجح فيه نجاحا كبيرا. ففشلها يعني فشلا جماعيا كبيرا يحسب لقطاع المرأة، ونجاحها في الامتحان يعني نجاحا لا يعود بالضرورة إليها، بل يمتد ليشمل قطاع المرأة؛ لكونها امرأة تسلمت حقيبة وزارية في بلد ذكوري حتى النخاع ويملك ما يملكه من قناعات ضد المرأة لصالح الرجل، في مجتمع لا يحترم المرأة ولا يقدر أدوارها القيادية، وينظر إليها نظرة ازدراء واستصغار.

لم يكن من النواب الأفاضل وفق ما سبق سوى العمل منذ اليوم الأول لها على تجميع رتوش هنا وهناك بغرض تشكيل زوبعة نيابية وفرقعة إعلامية. البعض كان يقف في موقف أبعد من ذلك وهو إن هناك رغبة حكومية في حل مجلس الأمة؛ لكون تركيبته الحالية يغلب عليها الجانب المعارض؛ ويبدو المجلس في الكثير من مواقفه الوطنية وأطروحاته أقوى من الحكومة؛ مما يضع الحكومة في حرج دائم. فلا سبيل لذلك سوى العمل على حل المجلس والدعوة إلى انتخابات أخرى لن يكون ذلك إلا من خلال دفع الكتل والجماعات المعادية للمرأة وخصوصا السلف منهم والذين يعلنون جهارا موقفهم الرافض لتسلم المرأة المناصب القيادية ودعوتهم للوقوف للصبيح بالمرصاد، ولاسيما أنها الوحيدة في التشكيلة الوزارية بعد استقالة المبارك؛ ولكونها تمسك حقيبة وزارية لوزارة خدماتية حساسة ومعقدة، وهي التربية والتعليم، فكل ما يحدث في أروقتها ستحمّل الوزيرة وزره إلى أن تسقط وتتهاوى. البعض كان يرى أن سقوط المرأة يمثل الحصان الرابح. فهم يرون أن سقوطها أسهل بكثير من سقوط الرجل، وسقوطها له دلالات عدة، ولعل واحدة منها إقالة الوزيرة أو إعادة تشكيل الحكومة، على حين الشارع الكويتي قد ملّ الاستجوابات، وما أكثرها في مجلس الأمة الكويتي.

ولكن ما آلت إليه جلسة الاستجواب كان مثيرا للغاية، ويمثل مفاجأة لعلها غير متوقعة من البعض. أداء الوزيرة كان بمثابة المفاجأة للمجلس والحكومة على حد سواء. فلا الاستجواب تمخض عنه حل المجلس وتلك كانت رغبة الحكومة في التخلص منه ومن «بلاويه» جاعلة المرأة في وجه المدفع. والنتيجة غير المتوقعة إن الوزيرة لم تُقَل، ويرجع ذلك إلى أسباب تتعلق بأدائها المقنع في جلسة الاستجواب؛ نتيجة أدت إلى رجوع النواب المستجوِبين من جلسة الاستجواب بخفي حنين، على رغم رغبة بعض النواب حتى بعد الانتهاء من جلسة الاستجواب في إقالة الوزيرة.

الاستجواب انتهى وتأكدنا من مستوى الوزيرة ومن أدائها، وتأكد للجميع أهداف مجلس الأمة والحكومة وما يضمر كل منهما للآخر. انتهى الاستجواب ولكن موضوع الصبيح لم ينتهِ، وما خفي قد يكون أعظم، وعليها أن تكون أكثر حذرا من ذي قبل. فالمجهر لايزال عليها وعلى وزارتها وإيثارات النواب لن ينتهي مفعولها. وموقفهم من المرأة لايزال مكانك سر والقضية كبيرة وعميقة. ولكونها قبلت بالوزارة فإن ذلك يعني قبولها الرهان السياسي والمجتمعي، وعليها أن تكون صبورة وحكيمة وتدير وزارتها بمنهجية تعكس أداءها وقدرتها على إقناع الآخر.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً