العدد 1969 - السبت 26 يناير 2008م الموافق 17 محرم 1429هـ

رسالة إلى فخامة الرئيس

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه أوّل مرة أكتب فيها رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس عربي، بعد أن بلغ السيل الزبى، ولم يعد بالإمكان الصبر على ما يفعله المشاغبون الفلسطينيون في شبه جزيرة سيناء المحرّرة.

وحسنا فعلتم - فخامة الرئيس- حين أمرتم بفتح الحدود مع قطاع غزّة، وحفظتم سمعة البلد وماء وجهها في اللحظة الأخيرة، فقلبكم الكبير لا يقبل بأنْ يموت أهالي غزّة جوعا، ولكن ما كان يجب التسامح مع ما فعله هؤلاء المشاغبون من انتهاكٍ فاضحٍ للقانون الدولي، وخرقٍ لاتفاقيات الهدنة مع «إسرائيل»، ومخالفةٍ لمعاهدة السلام الدائم والشامل والخالد في الشرق الأوسط.

إنّ الخطأ الأكبر - واسمحوا لنا على هذه الصراحة- وقع في اليوم الأوّل، عندما تجمّعت النساء الفلسطينيات أمام مَعْبر رفح، فقد كان من المفترض أنْ يتمّ تفريقهنّ بالقوّة، حتى لو تطلّب الأمر استخدام مسيلات الدموع ونقلهنّ بالإسعاف إلى المستشفيات. وفي حال لم ينجح ذلك كان المفترض استخدام الرصاص المطاطي، والتصويب على الأرجل والركبة تحديدا بقصد ردع المشاغبين والمشاغبات. لكن للأسف الشديد أنّ قوات الأمن التزمت أقصى درجات ضبط النفس، فاستخدمت الحد الأدنى من وسائل القمع، وهي خراطيم الماء البارد، ما يدل على الرحمة والرأفة والتحلّي بأعلى درجات التعامل الحضاري. فهل يمكن للماء البارد أنْ يردع هؤلاء المتمردين؟ ألم يكن الأفضل استخدام ماء يغلي معهم؟

إنهم يدّعون أنهم جوعى، مَنْ يقول إنهم جوعى؟ وهل الجوعى يدمّرون المعابر ويكسرون القانون الدولي واتفاقيات السلام التي وقّعها الرؤساء الشجعان مع نظرائهم في الدول المجاورة والصديقة؟

ثم لنفترض أنهم جوعى، فهل هم أوّل شعبٍ في العالم يُعاني من الحصار والجوع؟ كوبا تعرّضت للحصار لكنهم لم يدمّروا المعابر الدولية مع عدوتهم أميركا! كوريا الشمالية كانت محاصرة ويُعاني شعبها من الجوع، ولكنها لم تدمّر المعابر مع جارتها كوريا الجنوبية! هؤلاء لا يفيد معهم إلاّ ضرب السياط!

إنهم كلهم بنسائهم ورجالهم وأطفالهم وشيوخهم، لا يزيدون عن مليون ونصف مليون نسمة، يعني أنهم لا يزيدون عن سكّان أحد الغيطان والنجوع، ومع ذلك يريدون أنْ يفرضوا إرادتهم على الولايات المتحدة الشقيقة وعلى «إسرائيل» وعلى 22 دولة عربية! بل إنهم يخرّبون مساعي اللجنة الرباعية في إحلال السلام، ويقوّضون كلّ ما يقوم به الرجل الطيّب طوني بلير، فهو منذ غادر منصب رئاسة الوزارة البريطانية وهو يفكّر 24 ساعة في البحث عن حلٍّ للمشكلة الفلسطينية، فلماذا لا يقابلون إحسانه بالإحسان بدل التشويش عليه ومحاولة إفشال مساعيه الحميدة؟

ثم أليس الجوع قضاء وقدرا؟ لماذا لا يصبرون على الجوع؟ أليس ذلك تهوّرا؟ أليس تدمير المعابر اعتراضا على القضاء والقدر؟ هل نسوا أنهم مسلمون وعلى المسلم أن يصبر على البلاء؟ فلماذا هذه الضجّة المفتعلة؟ ولماذا الإصرار على إحراج الدول العربية؟ ألا يثبت ذلك وجود نيّةٍ مبيّتةٍ لإسقاط المبادرة العربية التي تمثّل إجماعا عربيا على خيار السلام مقابل الأرض العربية المحتلة!

فخامة الرئيس... لا عليكم من التهويل الإعلامي. إنّ هؤلاء بحاجةٍ إلى تشديد القبضة حول أعناقهم حتى «يعقلوا» ويتوقفوا عن إطلاق الصواريخ «العبثية» على «إسرائيل»! وفّقكم الله في إعادة آخر متسلل فلسطيني إلى القطاع؛ وإعادة فرض الحصار حتى تستسلم حركة «حماس» الإرهابية وتلتزم بالشرعية الدولية؛ وإعادة بناء جدار عازل أعلى وأقوى من كل الجدران القديمة التي هدمها المشاغبون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1969 - السبت 26 يناير 2008م الموافق 17 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً