العدد 1967 - الخميس 24 يناير 2008م الموافق 15 محرم 1429هـ

حقوق الإنسان سلاح المعارضة الدائم

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

برغم كل ما يقال، هل يمكن أن نصف منظمات حقوق الإنسان في مجتمعات العالم الثالث بأنها حيادية ولها قدرة الحفاظ على موضوعيتها على رغم الظروف الداخلية والخارجية التي تحيط بها؟

وهل يمكن أن نفصل مراقبة حقوق الإنسان عن ألاعيب السياسة والسياسيين ودهاليز المعارضة أو الموالاة؟

وهل نغفل أن ألاعيب السياسة دائما ما تتغلف بشعارات الدفاع عن الإنسان وحقوقه أمام السلطة؟

أسئلة تحمل بعضها أجوبتها معها.

حقوق الإنسان في مجتمعاتنا النامية دائما ما تتحول إلى شعار لأدوات سياسية طالما تتلاعب فيها أحزاب المعارضة، حتى وإن ترفعت المنظمات الممثلة لحقوق الإنسان عن ألاعيب السياسة وحاولت ألا تكون أداة من أدواتها.

عقود من تجارب العالم الثالث تؤكد أن الأحزاب التي تدافع عن حقوق الإنسان - وهي في المجمل أحزاب معارضة - سرعان ما تغادر الصفوف الأمامية لمنظمات حقوق الإنسان في أقرب نجاح سياسي يوصلها تجاه موقع الحكم أو كرسي السلطة، ليبدأ بعدها فصل جديد تتبادل فيه الأحزاب الأدوار، فيصبح من كان معارضا للسلطة كونها تنتهك الحريات إلى مدافع عن أفعال الحكومة ومواقفها العنيفة ضد المواطنين، فيما يعود أصحاب السلطة بعد انزياحهم إلى لعب دور المتصدي للدفاع عن حقوق الإنسان ويتباكون على الحريات التي قلما تحترمها مؤسسات أية سلطة مهما كانت. هكذا تكون الأحزاب قد غيرت مواقعها الا حقوق الإنسان التي لا تستطيع إلا أن تكون في صف المعارضة، مهما كانت هذه المعارضة.

أثبتت التجارب في دول العالم الثالث وحتى المتحضر أن المعارضين (أيّا كانوا) هم أكثر المدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب السلطة (أيّا كانوا أيضا) هم المتصدون لنشطاء حقوق الإنسان ومؤسساتهم الرسمية.

قد تتحمل الأنظمة ومؤسسات السلطة جزءا من خلق هذا الجو الذي وضعت فيه المنظمات الحقوقية، فالسلطات طالما اعتبرت ناشطي هذا المجال معارضين سياسيين وهم في نظرها يخدمون الأحزاب المعارضة حتى وإن لم يكونوا جزءا منها.

لقد أثبتت الشواهد أن أدلجة حقوق الإنسان في المجتمعات المحلية تفقدها موضوعيتها وتحولها إلى حزب سياسي لا منظمة نبيلة تدافع عن حقوق الآخرين بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو أفكارهم.

نعود ونسأل هل يحق لأصحاب الأفكار السياسية أن يتصدوا للدفاع عن حقوق الإنسان؟

وهل يحق لطالب سلطة يملك فكرا سياسيّا وإيديولوجيّا محددا أن يكون ناشطا سياسيّا؟

الجواب الأقرب إلى المثالية هو لا، لكن الجواب الأقرب إلى طبيعة مجتمعاتنا المعروفة بضغوطها الثقافية والسياسية هو نعم.

من بين الأسباب الموجبة لتغيير لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العمومية للأمم المتحدة وتحويلها إلى مجلس العام 2006 هي قراراتها المسيسة بحسب الضغوط الدولية التي تمارسها الدول الكبرى، وهذا يعني أن قضية تسييس منظمات حقوق الإنسان لا يمكن أن نحصرها بمجتمعاتنا ودولنا العربية بل هي نتاج مناخ دولي يحاول أن يسيّس كل ما له سلطة حتى وإن كانت مدنية.

ربما كثر من يفهم سلطة وقوة منظمات حقوق الإنسان ويعرف أيضا تأثير هذا المفهوم الحديث على الأنظمة السياسية هم من عمل ضمن إطار المعارضة السياسية، فتراهم يحرصون مع أول صعود إلى السلطة على تشكيل وزارات أو مؤسسات رسمية لحقوق الإنسان هدفها التعتيم أو/ واحتواء ما يمكن احتواؤه من نشاطات ونشطاء مؤسسات حقوق الإنسان، وهم أكثر من يعرف كيف يجدف بقارب حقوق الإنسان للوصول إلى ميناء الحكم والتمتع بسحر السلطة من دون منغّصات حريات الإنسان وحقوقه الأساسية.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1967 - الخميس 24 يناير 2008م الموافق 15 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً