ملف التمييز الطائفي الذي قادته كتلة الوفاق النيابية، والذي كانت نتيجته المتوقعة السقوط، يعالج ملفا هاما يعاني منه الوطن كل الوطن، وتعاني منه غالبية الوزارات الحكومية فهو ألم نسمع أنينه ونياحه كل يوم في كل الممرات والترهات في الوزارات الحكومية البعض وصل فيها إلى حالات مستفحلة لا يمكن علاج ألمها والبعض الآخر بالإمكان مع قليل من الصبر على الدواء والعلاج أن يتشافى الجسم ويتعافى.
والمتضرر من الألم والمرض والوجع هو الوطن كل الوطن وليس فئة أو طائفة محددة، ومن حقنا السؤال: لماذا وقفت الكتل (الأصالة، المنبر، المستقبل) في الأسبوع الماضي كالطود المنيع ضد مشروع تشكيل لجنة حول ملف التمييز الوظيفي؟
سؤال يستحق منا أن نقف عنده، طالما بأن هناك إقرارا أوليا بأن هناك تمييزا، هذا ما نفهمه من تصريحات نواب الكتل المضادة للمشروع نفسه، وطالما بأن هناك مشاهدات وصورا حزينة تعبر عن نفسها، وطالما أن هناك طوائف مهمشة ولا تمثيل لها؟
هل من المعقول لكون الملف يفتح لنا حربا طائفية كما عبر عنها البعض ويدعي؟ أم لكون الملف يعالج الحرب التي ربما تتسبب في نشوب حرب طائفية طالما بقى معلقا دون حل؟
لا بد من التحليل ولا بد من الحزم، لا نحتاج من النواب الأفاضل أن يظلوا هكذا غير قادرين على قراءة الواقع السياسي للبحرين، يتركون المجلس هكذا مختطفا، ورهينة التجاذبات السياسية، ومفتوحا أمام التدخلات الخارجية التي لا يهمها سوى وضع العراقيل ومنع تحقيق الإنجازات لتبقى الحكومة هي الأقوى دائما ولتظل حاجتنا في يوم من الأيام إلى الحكومة، ولا نحتاج إلى خيار الديمقراطية، وخيار الشعب في المطالبات.
مشروع لجنة التحقيق في التمييز الوظيفي مشروع وطني، وموقف الكتل غير الداعمة له والتي وقفت ضده يعبر بشكل أو بآخر سواء اعترفت قيادته أو لم تعترف فذلك إقرار حقيقي فاضح لكون المشروع لا يخدم أهدافهم ويضر مصالحهم، فطالما مضوا في تسويات مع الحكومة واتفاقات تحت الطاولة مع الحكومة ومع الوزارات، فكثيرا ما نسمع بأن هناك إحدى الكتل طالبت بنسبة معينة من الوظائف القيادية لقواعدها مقابل السكوت عن بعض الملفات المفتوحة في الوزارات، لجنة التمييز الوظيفي لو كتب لها أن تتشكل لكشفت لنا الكثير من الفضائح والكثير من المخططات غير وطنية لصالح طائفة على حساب طائفة أخرى.
بدورنا نسأل ونلح على السؤال إذا كان الوطن للجميع، وهذا شعار مطروح ويتغنى به الجميع دون استثناء، لماذا تملأ وزارات معينة ومحددة بعوائل محددة، وتمنع عوائل أخرى من الدخول إليها؟ ولماذا وزارات أغلقت بالكامل بطائفة محددة، ولم تسمح بالطائفة الأخرى إلا بحارستها؟ وإذا كان هذا الكلام هراء في هراء وليس له أصل، نتساءل ومن حقنا السؤال أيضا: لماذا لم يترك النواب الأفاضل السماح للمشروع أن يرى النور، والسماح لنا أن نرى ما نتحدث عنه ونتأكد معا هل ما يقال حقيقة أم أنه ضرب من ضروب الخيال؟ أو التحقق أصلا حرام ولا يجوز؟ أو أن لدى البعض الحقيقة واضحة لا تحتاج إلى لجان للتحقيق؟ وبالتالي من الحمق أن يسمحوا بتشكيل لجنة لتقصي حقيقة التمييز الطائفي البغيض.
إذا كانت الحكومة بالفعل جادة في حل مشكلة البطالة عليها أولا أن تعالج ملف التمييز الطائفي، وأن تمارس الرقابة التامة على الوزارات والقضاء على بؤر الفساد المستشرية في الوزارات، لا يمكن علاج مشكلة التعطل من خلال قانون للتعطل يمتص عرق المواطنين العاملين، ويسمح للآخرين بالمزيد من السرقات، واستغلال صلاحياتهم الواسعة من خلال تكريس الطائفية، وأن توفر على نفسها الجهود وأن تسمح للكتل أن تقرر مصيرها لوحدها دون تدخلات حكومية، ليست الوفاق وحدها المعنية في محاربة كل الآفات، بل ان الجميع مدعو لأخذ الدور، فالوفاق وحدها لا تستطيع أن تحقق الأهداف فمن المعروف بان الوفاق الكتلة الأكبر داخل المجلس ولكن لا تمثل الأصوات المطلوبة، فلا تحتاج سوى ثلاثة أصوات على الأقل لتمرير من تحتاج إلى تمريره ومع ذلك لا تستطيع استقطاب العدد على رغم قلته لا يعبر ذلك عن ضعفها بقدر ما يمثل حال عدم الانسجام وعدم التعاون أمام الكتل، لا نحتاج إلى صور مصطنعة أو تصريحات مفبركة من أجل أن نبين بأن هناك انسجاما بين الكتل لأن لمواقف تعود من جديد لتكشف لنا زيف المجاملات وتكشف لنا الحقيقة، تركيبة المجلس الحالية لا تبشر بأي خير، إذا ما بقت الأمور على ما هي عليه فلا فساد ستتم محاربته ولا تمييز سيتم قطع جذوره ولا هم يحزنون وستبقى البرامج الانتخابية حبيسة المطبوعات وعلى المجلس السلام.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1966 - الأربعاء 23 يناير 2008م الموافق 14 محرم 1429هـ