العدد 1964 - الإثنين 21 يناير 2008م الموافق 12 محرم 1429هـ

حال المواطن والتنمية الاقتصادية المنشودة

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

بعيدا عن التملق أو التعاريف المزركشة ووصف التنمية المنشودة بأنها خلاص المواطن... بالأمس القريب خرج علينا بعض رجال الأعمال بالصحف المحلية وهم يفندون التنمية الاقتصادية بصورة رأسمالية بحتة، والمواطن البسيط يتساءل عن التنمية الاقتصادية وآثارها الايجابية على الفرد، كما يسأل عن أسباب تأخر التنمية المنشودة وأهدافها.

هنا أقول إلى من يهمه الأمر: كي نتمكن من التشخيص اجتماعيا واقتصاديا في القطاع الأهلي والحكومي دعونا أولا نعرف التوصيف الأقرب لهذا المصطلح (التنمية الاقتصادية).

هو قدرة الاقتصاد القومي على توليد واستدامة الزيادة السنوية في الناتج القومي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 5 في المئة و7 في المئة أو أكثر، ويأخذونه بمعدل نمو نصيب الفرد من الدخل أو الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى قدرة الدولة على توسيع إنتاجها بمعدلات أسرع من معدل النمو السكاني، كمؤشر على التنمية وأحيانا تستخدم مؤشرات غير اقتصادية بدرجة ثانوية لتوصيف منافع عملية التنمية الاقتصادية كمعدل تعليم الكبار وتحسين الخدمات الصحية والإسكان.

السؤال الأبرز هنا: هل هناك فروق كبيرة بين المواطن في مستوى المعيشة من ناحية توفير الحاجيات الضرورية ودرجة الرفاهية؟ وهل التنمية المنشودة تعمل على الرعاية الصحية والتعليم الأساسي ودعم المشروعات الصغيرة ومشروعات البنية التحتية؟ وهل التنمية المنشودة تحرص على تحسين نوعية الحياة، وخصوصا للمواطن البحريني متمثلة في تعليم جيد وتحسين المستوى الصحي، وفقر أقل، وبيئة نظيفة، وعدالة في الفرص، وحرية أكثر للأفراد، وحياة ثقافية غنية؟

من المعلوم أن سياسات تخفيف الفقر وتقليل الفوارق الاقتصادية في الوطن وإتاحة فرص العمل وزيادة الدخول شروط ضرورية، ولكن ليست كافية لإحداث التنمية ما لم تتجه عملية التنمية في أساسها لتوفير الحاجات الضرورية، أي تقدير الذات: وتعني أن يكون الشخص إنسانا مكرما بإحساسه، وأن يكون مؤمنا تعليميا وصحيا وسكنيا واجتماعيا، فأحد مقومات الحياة الكريمة الشعور بالقيمة وتقدير النفس الإنسانية، وقيمة الإنسان مدخل إسلامي أصيل، وكفى بالآية الكريمة في بيان ذلك قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” (الإسراء: 70).

إذا، التنمية الاقتصادية ليست إدارة مؤسسة حكومية هنا أو تحويل دائرة حكومية إلى شركة قابضة هناك أو ثورة عقارية أو تقليل خسارة شركة أو تحديد مسئوليات مساحات الأراضي في البر والبحر أو الأرقام الاستثمارية أو توفير فرص عمل من خلال مشروعات استثمارية في أصول ثابتة آنية أو الخصخصة بمفهومها المعوق لدينا، عافانا الله.

إن التنمية الاقتصادية: هي جهود مبذولة لتخفيف الفقر وتحقيق العدالة وتوفير فرص العمل في سياق اقتصاد نامٍ.

ولهذا نوجه السؤال الذي يجب الإجابة عليه من قبل القائمين على التنمية الاقتصادية المنشودة، وأقول: ماذا حدث بالنسبة إلى الفقر والبطالة وعدم عدالة الدخل؟! إذا كانت الثلاثة قد انخفضت من مستويات عالية يصبح من دون شك أن عملية التنمية محل اهتمام، أما إذا ازداد أكثر من واحد من الأمور المشار إليها فمن المستغرب أن نسمي ذلك تنمية، حتى وإن كان نصيب الفرد من الناتج الإجمالي يساوي الضعفين.

الخلاصة، اننا في حاجة إلى زيادة الدخل الحقيقي وبالتالي تحسين معيشة المواطن، وتوفير فرص عمل، وتوفير السلع والخدمات المطلوبة لإشباع حاجات المواطن وتحسين المستوى الصحي والتعليمي والثقافي، وتقليل الفوارق الاجتماعية، وبالتالي دمج السياسة مع النظرية الاقتصادية، ليس فقط لاعتبار أنها أسلوب للمجتمعات المعاصرة, بل أيضا لتكون أكثر إنتاجية مع أن تنمية البشر أهم من تنمية البر والبحر.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 1964 - الإثنين 21 يناير 2008م الموافق 12 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً