العدد 1962 - السبت 19 يناير 2008م الموافق 10 محرم 1429هـ

احذروا البرد!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

يبدو أن الأربعين مليون دينار المخصّصة لمواجهة الغلاء لم تكن بمنأى عن نظرية تمدّد الأجسام بالحرارة وانكماشها بالبرودة، لذلك كان لدرجات الحرارة المتدنيّة في البحرين الأسبوع الماضي أثرها الكبير على الموازنة المخصّصة لمواجهة الغلاء، فانكمشت تلك الأربعون لتصبح 28 مليونا فقط بعد ورود أنباء عن أن الحكومة تريد أن تخصص 12 مليونا منها لدعم الأسر المعوزة، ومع استمرار تدنّي درجات الحرارة استمرّ انكماش موازنة الغلاء لتصل إلى 8 ملايين دينار فقط بعد ورود أنباء عن أن الحكومة تنوي تخصيص 20 مليونا أخرى لدعم السلع الأساسية التي تدعمها هي في الأساس ولها خانات في جدول الموازنة العامة للدولة، والله أعلم بما كان سيحدث لو استمرت موجة البرد تلك أو رافقها تساقط شيء من الثلج لانكمشت حتى الرواتب... فمن يدري؟!

لا يستحق المواطن البحرينيّ كلّ هذا الاستهزاء به وبمشاعره بين الحين والآخر وكأنه يستجدي لقمة عيشه على قارعة الطريق؟! فمرّة يُمنّى بـ “بونس” ولا يحصل عليه إلا بعد أن يُراق ماء وجهه مرّات، وإذا به 200 دينار فقط لا تكفي لعلاج وجع الرأس الذي سبّبه الحديث عن ذلك “البونس”، ومرّة يُمنّى بـ “عيديّة” في زمن تبيع الدولة فيه برميل النفط بـ 100 دولار فتقوم قائمة النواب بكل أطيافهم للمطالبة بتلك “العيديّة” فتبقى كلمة الحكومة هي العليا وكلمة النواب هي السفلى، فلا “عيديّة” ولا هم يفرحون!

اللعب على المشاعر ذاته، والرقص ذاته على الأحاسيس يتكرّر اليوم، إذ ينام المواطن حالما بأربعين مليون دينار تنتظر آلية لتوزيعها، ويستيقظ على ثمانية ملايين لا تغني ولا تسمن من جوع، ولعلّ نصيب المواطن منها بعد هذا التقلص بضع “روبيات” لا تكفي لوجبة عشاء، حتى وإن كانت “سنبوسة” فهذه الأكلة الهنديّة أيضا لم تستطع الصبر وهي ترى الارتفاع الجنونيّ في الأسعار فالتحقت بالركب، أسوة بكلّ شيء!

الغلاء أزمة حقيقيّة لا يجوز التعامل معها بهذا التسويف غير الحكيم، وإن الاكتفاء بمعالجة هذه المشكلة بالأداة الإعلاميّة لا يمكن أن يصل بها إلى حلّ ناجع، والحكومة وهي الجهة المهيمنة على مصادر الثروة وعلى الموازنة وعلى الشارد والوارد منها وإليها هي المسئولة عن استحضار الحلول الناجعة، بدلا من الاكتفاء بنفخ البالونات التي لا تصمد إلا أياما وسرعان ما تنفجر، كحكاية الأربعين مليون دينار التي تحولت اليوم إلى ثمانية ملايين وربما تتحوّل غدا إلى لا شيء ومن لا يعجبه فليشرب من زبد البحر!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1962 - السبت 19 يناير 2008م الموافق 10 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً