العدد 1961 - الجمعة 18 يناير 2008م الموافق 09 محرم 1429هـ

عراقيل وعراقيل!

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عراقيل وعراقيل بات الشارع يترقب وجودها. أصبحت العراقيل بين عشية وضحاها ضيف الشرف الأول في المجلس النيابي. ففي كل مرة نجد تحركا نيابيا جادا يشد أنظار المراقبين والشارع، ويهدف إلى تحقيق إصلاحات سياسية منشودة، ويقرّب النواب أكثر من مهمات التشريع المنوطة بالمجلس، نجد أن هناك جملة من العراقيل توضع في الطريق لمنع زحف النواب إلى درب الإصلاحات والإنجازات الوطنية.

منظر كريه جدا ويثير الاشمئزاز الوطني. اعتدنا عليه ولكننا لا نحبه؛ لأنه باختصار شديد يدعونا إلى مزيد من الإحباطات السياسية ومزيد من السخط الشعبي تجاه مجلسهم الممثل لهم ولمطالبهم. فليس من المعقول أن يكون ذلك حال مجلسهم الذي من المفترض أن يدافع عن حقوقهم ويتابع قضاياهم ويعبر عنهم، فلا شك في أن محركة العراقيل هي الحكومة ولكن مما يؤسف له أن تجد لها أيادي طيعة تعينها على تحقيق كل ما تصبو إليه وإن كانت عراقيل لمجلسهم ولإنجازاتهم.

العراقيل التي اعتدنا سماعها ورؤيتها وقراءتها نتابعها بكل قلق، ونرى أنها إذا استمرت بالوتيرة نفسها؛ فإنها بلا أدنى شك ستسد الطريق. فالإصلاح الجاد والعمل الدؤوب الحقيقي يحتاج منّا إلى تعاون، ويحتاج منّا جميعا إلى إرادة، وانسجام، وتأمل، ويحتاج طبعا إلى توافقات وطنية، كما يحتاج إلى وقفات وطنية مخلصة، ولا يحتاج إلى تشرذم، وقراءات متعددة، وتحالفات مناهضة وأنانية سياسية.

لامت الحكومة ذات مرة جمعية «الوفاق» عندما قاطعت الحياة البرلمانية. وتمنت لو أنها شاركت. وعندما شاركت «الوفاق» هذه المرة وضعتها الحكومة في مواقفَ لا تحسد عليها، من خلال تدخلاتها الكثيرة وغير المفهومة.

لقد نجحت الحكومة في وضع «الوفاق» في حرج كبير مع قواعدها الشعبية؛ لكون «الوفاق» إلى الآن لم تحقق شيئا ملموسا على الأرض، على رغم أن هناك أداء متميزا وحراكا سياسيا واضحا أحدثته الكتلة داخل المجلس يعبر عن حس سياسي ووطني واضح المعالم. فـ «الوفاق» واقعة بين فكين، فك الحكومة غير المتعاونة والمشاكسة لتحرك «الوفاق»، وفك القواعد الشعبية التي لا تعرف الصبر ولا الانتظار، ولا تفهم الواقع السياسي بمكوناته الحقيقية. فالقواعد لا تنظر إلى الأداء ولا الدور بقدر نظرتها المتجهة إلى الإنجازات المتحققة، وقد تكون معذورة كل العذر في ذلك. وهي على كل حال غير ملامة. فالجوعان لايزال ينتظر الخبز ليأكله ولا يهمه أبدا الصراعات والجولات التي تحدث هنا وهناك لجلب الخبز له، وعينه تبقى على الخبز طالما لم يتسلم الخبز بعدُ. فهو لا يقدّر الخطوات التي قبله.

فعراقيل استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة بدأت من دور الانعقاد الأول ومستمرة إلى الآن. وأظنها ستستمر ما استمرت كتلة «الوفاق» في المجلس؛ لكون المستندات التي تملكها «الوفاق» ضده والقضايا المتورط بها كفيلة لها بالتمسك باستجوابه ما بقيت في المجلس طالما الوضع القانوني والدستوري يسمح لها بذلك، وعراقيل أخرى من خلال المتابعات تظهر وتنمو مع نمو أفكار تشكيل لجان تحقيق جادة تعالج ملفات سياسية عالقة تنخر الوطن ويضج منها المواطنون، على حين يبقى البعض على قارعة الطريق يستفيد مما هو حاصل هنا وهناك ويقبل بأكل الفتات الملقى عليه.

هناك عراقيلُ من المتوقع وجودها ويسهل علينا نحن المتابعين قراءة أسبابها. وهناك عراقيلُ تمثل عناصر مفاجأة من الصعوبة التكهن بها لعدم وضوح أسبابها ولا أهدافها، فضلا عن صعوبة تحليل واقعها. فالمشهد السياسي عموما والمشهد النيابي بات معقدا جدا؛ نتيجة التدخلات المتعددة؛ والتداخلات في الاختصاصات، ويحتاج المشهد منا إلى مزيد من التأمل، ويتطلب مجهرا لرؤية مكوناته وقراءة طلاسمه.

نقول لهؤلاء الذين يدعون حرصهم على مصلحة الوطن والذين هم بالأساس يمثلون الشعب كل الشعب «اصحوا من سباتكم العميق، وعالجوا الملفات الواقفة التي تحتاج منا جميعا إلى وقفات جادة ضد تحركات الحكومة. فالحكومة هي من تحاول أن تضع العراقيل تلو العراقيل؛ لتحمي مصالحها الخاصة. فليس من المعقول أن نكون لها سندا ومعينا، (ونظز عينا) ليس من الحصافة السياسية في شيء. وعلينا بذكائنا السياسي أن نحاول نحن من نضع العراقيل أمام المد الحكومي تحقيق المكاسب لا العكس.

وإذا كنا فعلا نؤمن إيمانا حقيقيا بـ(لا تبوق لا تخاف) على سبيل المثال، فلنفسح المجال واسعا لاستجواب من يدعي البعض أو يزعم أن لديه قضايا تستحق الاستجواب وطرح الثقة، طالما لا يوجد أحد فوق القانون، ولنثبت للجميع حسن النوايا بعيدا عن التخندقات السياسية الضارة غير النافعة.

لا نُضِع على الوطن فرص تحقيق مكاسب، بالإمكان تحقيقها فقط لضيق الأفق، ولغياب الأولويات؛ والتحزبات الجوفاء.

عمر العراقيل ما كانت سببا في تحقيق المصالح الوطنية، بل على الدوام هي سبب من أسباب تعطيل المصالح الوطنية».

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1961 - الجمعة 18 يناير 2008م الموافق 09 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً