بدأت حرب الخليج الثالثة على عكس التوقعات. التوقعات كانت تقول إن الضربة الخاطفة ستكون كاسحة ساحقة تسقط في ساعاتها الست الأولى عشرات آلاف القذائف والصواريخ البعيدة المدى إضافة إلى القنابل الذكية التي ستلقيها الطائرات الأميركية، وحليفتها البريطانية، على مواقع القيادة العسكرية ومراكز اتصالاتها.

بدأت الحرب بمفاجأة أولى أدهشت الحليف الأول (بريطانيا) الذي أصيب بالذهول حين أعلن البنتاغون بدء الحرب في توقيت غير التوقيت المتفق عليه.

المفاجأة الثانية، تصريح الرئيس جورج بوش بأن الحرب صعبة وطويلة في وقت كان الاتفاق مع رئيس الوزراء البريطاني على أنها قصيرة وسهلة.

المفاجأة الثالثة، ان قرار الحرب الذي اتخذه بوش في لحظة غياب الحليف الأول عن الصورة جاء بناء على معلومات لا عن خطة. المعلومات التي قيل إنها وصلت أجهزة الاستخبارات ذكرت ان هناك «لقاء قمة» لقيادات الجيش العراقي برئاسة صدام حسين.

وعليه قررت واشنطن المباشرة في الضرب مستهدفة رأس النظام العراقي، ظنا منها ان تلك الهجمة هي مفاجأة استراتيجية تقلب الموازين من القمة لا من القاعدة.

المفاجأة الرابعة، ان صدام حسين لم يُقتل. ويقال إن الإصابات الأولى كانت مدنية واستهدفت مواقع يتردد عليها العامة من الناس.

المفاجأة الخامسة، ان القوات العراقية ردت على الموجة الأولى من الضربات التمهيدية (الاستباقية) بإطلاق صواريخ أرض ـ أرض على شمال الكويت في وقت كانت فيه القوات البريطانية ـ الأميركية تستعد للتحرك ولا تملك فكرة عمّا يحصل. فالأوامر كانت تقول: انتظروا إشارة البدء. وبدأت الحرب ولم تصل الإشارة.

بدأت حرب الخليج الثالثة مرتبكة. وجاءت على عكس التوقعات. وحتى الآن لايزال العالم ينتظر إشارة البدء في وقت تقول فيه واشنطن إنها بدأت ولندن لم تبدأ.

هل هو خلاف على التوقيت أو اختلاف في القراءة... أم ان المسألة هي مجرد ارتباك يحصل عادة حين تبدأ الخطوة الأولى.

الخطوة الأولى كانت فاشلة وهي تدل على مدى اعتماد واشنطن على مصادر الاستخبارات واستخفافها بالخطط... وقراراتها اعتباطية.

بريطانيا حتى الآن هادئة إلا ان الهدوء لا يعني ان العاصفة لن تأتي. العاصفة العسكرية آتية وبعدها تأتي العاصفة السياسية. لننتظر.

وليد نويهض