حققت البحرين معدلات نمو غير مسبوقة خلال السنوات الثلاث الماضية مدعومة بارتفاع أسعار النفط وكميات إنتاجية إضافية أدت إلى تحسين الأداء في القطاع غير النفطي (صناعة العقار) وبلغ معدل النمو الحقيقي في المملكة 6.6 في المئة خلال العام 2007. كما أن الزيادة السنوية في عرض النقود تشكل مؤشرا لتوقع
المزيد من الارتفاع في معدل التضخم الذي بلغ 3.5 في المئة.
وهنا أقول: هل هذه الحقيقة هي التي تتعامل معها الجهات المختصة؟
بالأمس القريب كانت هناك مكرمة أو توجيهات أو انتباه لحال المواطن أو نزول لتوصيات النواب بالنظر الى الحال المعيشي للمواطن أو وضع الحلول الآنية والمستقبلية لمشكلة غلاء الأسعار. فما كان من الحكومة إلا تخصيص 40 مليون دينار لتحسين حال المواطن لمواجهة غلاء الأسعار، وسيتم صرف هذا المبلغ
بالتنسيق مع الوزراء المختصين ولجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب، وما يهمنا من هذا بصفتنا مواطنين هو آلية صرف وخطط صرف المبلغ بالرجوع إلى الأماني التي تتمثل في تفعيل دور إدارة حماية المستهلك ولجنة مراقبة الأسعار بوزارة الصناعة والتجارة، والعمل على مشروع قانون حماية المستهلك تمهيدا لإحالته الى السلطة التشريعية.
أقول: يجب تحديد أولويات الصرف لتكون انطلاقا من تشخيص وضع المواطن الاقتصادي من حيث الدخل مقارنة بالطفرة السعرية للمواد الرئيسية؛ إذ إن تحسين مستوى الفرد لا يتمثل في زيادة في العلاوة الاجتماعية أو بدل غلاء معيشة أو بونس ولا توسع في سلة المواد المدعومة التي يشهد سعرها من الأساس ارتفاعا، إذ سيكون دعم هذه المواد من خلال هذا الصندوق هدرا لا حلا. لذلك يجب أن يكون هناك حل جذري.
من المعلوم أن هناك سلعا مبررة وسلعا غير مبررة لارتفاع أسعارها. كما أن هناك أسعارا ترتفع بفعل التاجر وليس بالتغير السعري الحاصل بالمنطقة. فعلى سبيل المثال لا الحصر ارتفع سعر النقل للأرز في الهند 10 في المئة؛ بسبب ارتفاع المحروقات، وهنا أقول «النقل» ولينظر الجميع الى ما وصل اليه سعر الأرز والسكر والشاي وغيره، علما أنه لم يطبق الى الآن مشروع سوق العمل على العمالة فما بالك لو طبق.
من الأسباب الرئيسية التي أدت الى تآكل راتب المواطن ارتفاع سعر المواد الأساسية، وخصوصا غير المبررة وغياب الجهة المعنية بحماية المستهلك والنقابات الحرة وارتفاع الإيجارات السكنية. لهذا أقول: الارتفاع المتواصل في كلف المعيشة سبب رئيسي للتضخم.
إن الهدف من هذه المقدمة المفصلة الوصولُ الى الهدف الرئيسي. وهو وضع الحلول الجذرية لا الترقيعية لتحسين دخل الفرد حسبما يروج له البعض.
بما أن الجهة التي من الممكن أن تساعد على تحديد النسب الرقمية لاقتصاد الفرد في المملكة غير معلومة أو غير محددة المعالم للاستفادة منها، اعتمدتُ على تقرير شركة معتمدة وضعت دراسة تفصيلية لدول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2007 وهي «gulftalent». فركزت على الأرقام التي في اعتقادي ستساعد اللجنة المخصصة لوضع آلية صرف المبلغ.
التضخم = 3.5 %
نسبة الإيجار من دخل الأسر= 24 %
معدل الزيادة في الإيجار = 14 %
زيادة الراتب = 8.1 %
نسبة الوافدين غير المدخرين = 26 %
العمالة الوافدة = 59 %
نسبة انخفاض الدولار مقابل عملات رئيسية
اليورو = 34 %
الأسترليني = 28 %
الروبية الهندية = 15 %
قد يسأل البعض: ما علاقة سعر الدولار تجاه العملات الأخرى بدخل الفرد؟ لقد ذكرت هذه النماذج من الأسعار بحكم أن الدينار البحريني يرتبط بالدولار ويؤدي الانخفاض المتواصل للدولار الى تقليص الراتب. وهنا أقول من باب أوْلى عمل سلة عملات لتحرير الدينار في الوقت الراهن.
هنا أردتُ أن أقول: إن العالم أصبح معادلة رقمية وحسابية لوضع الاستراتيجيات الاقتصادية التي تحمي الفرد وتحرك الاقتصاد بشقيه العام والخاص، لا كما يروّج له البعض بإعطاء زيادة هناك وتوسيع سلة هنا أو بدل غلاء معيشة. إن هذه المشكلة أعمق من هذه فلينتبه المعنيون.
أما عن خلاصة القول كما عودتكم في نهاية المقال فسيكون لنا مقال آخر لتحديد الأولويات والمقترحات في مقالات أخرى بحول الله.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 1958 - الثلثاء 15 يناير 2008م الموافق 06 محرم 1429هـ