لم يصدمنا رئيس الظالمين في العالم حينما قفز إلى استنتاج مفاده: على العرب أن يمدوا أيديهم إلى «إسرائيل». جورج دبليو بوش يرى بمنظار اليمين المتشدد الحاكم في البيت الأبيض. وهو على ذلك يرى أن العنصرية التي تمارسها العصابات الصهيونية المغتصبة أرض فلسطين هي عنصرية مشروعة!
جميع الرؤساء الأميركان يعرفون الحق. ولكن هل يحكم الحق السلوك السياسي للإدارات الأميركية المتعاقبة؟ إجابة هذا السؤال تجعلنا ندرك أن الرهان على خيار حل - ولو كان مؤقتا - بواسطة «الأميركي» رهانٌ خاسرٌ.
لا تحتكم الإدارات الأميركية إلى الأخلاقيات في وضع السياسات الاستراتيجية وإدارتها. بل تخضع السياسات الأميركية لنظام المصالح، مصالح الطبقة السياسية الحاكمة. وقد يكون مثال العراق خير دليل على ذلك. فحينما وجدت الإدارة الأميركية أن لإيران دورا مؤثرا على الساحة العراقية بادرت إلى إصدار التقارير والتصريحات التي تدعو إلى التريث والتشاور وفسح مجال للدبلوماسية.
الالتقاء الأميركي - الإيراني له ما يبرره بحسب نظام المصالح السياسية الذي يحكم النظامين السياسيين في البلدين. وعلى العرب أيضا أن يكون لديهم نظام مصالح سياسي مرتبط ارتباطا وثيقا مع قضية العرب الأولى والمركزية ألا وهي القضية الفلسطينية، ومنسجم شعوريا ووجدانيا مع أبناء الأمة العربية.
إذا، نقطة الارتكاز بالنسبة إلى السياسات المتبعة من قِبل الإدارات الأميركية المتعاقبة - ومنها الإدارة الحالية إن لم تكن أشرسها في تطبيق ذلك - ليس الأخلاقيات التي نؤمن بها نحن العرب: العدل والحق والكرامة والمروءة والشجاعة والنخوة والكرم...إلخ من قيمٍ ومبادئَ. بل نقطة الارتكاز ومنطلق الأحكام تتكئ على المصالح السياسية للطبقة الحاكمة في البيت الأبيض، والمسيطر على قيادة الولايات المتحدة هم جماعات الضغط والمصالح الصهيونية. فاليهود الصهاينة يسيطرون على أكثر من 96 في المئة من وسائل الإعلام، إضافة إلى غير ذلك من معاهد صنع القرار وجامعاته ومطابخه، ناهيك عن النفوذ والتأثير في المجتمع الأميركي من خلال الكثير من المؤسسات المدنية، وبيوت المال والاقتصاد.
قيادة الصهاينة للولايات المتحدة يجعل من المستحيل - بل من السذاجة - تصديق أن تكون أميركا راعيا محايدا ومتوازنا وعادلا للسلام، ولو المؤقت. هذه النتيجة تحتم على العرب والمسلمين - من أجل القضية المركزية؛ لأن فلسطين هي المركز بالنسبة إلى الحلم الصهيوني، فإن فرط فيها العرب والمسلمين فسيكون مصير الأطراف سهل الابتلاع، ليس العسكري بل الاقتصادي والثقافي - الالتفات إلى راعٍ آخرَ، قد يكون الروسي أو الأوروبي... إلخ من قوى ذات وزن ويد طولى على الساحة الدولية.
إلى حين ذلك اليوم، أملنا ألا تحمل روزنامة العام الجديد زيارة أخرى لرئيس تضوع منه رائحتا الدم (العراقي) والبارود (الصهيوني).
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1954 - الجمعة 11 يناير 2008م الموافق 02 محرم 1429هـ