أكدت دراسة حديثة أن حجم التجارة الإلكترونية في السعودية تجاوز 3.2 مليار دولار خلال العام 2007 وحده، وذلك بسبب الانتشار الواسع لهذه التعاملات، وارتفاع عدد مستخدمي الشبكة في البلاد. وذكرت الدراسة أن مستخدمي التجارة الالكترونية في السعودية تجاوزوا 3.5 ملايين مستخدم بنسبة 14.26 في المئة من عدد السكان في المملكة. وفي هذه الدراسة المكونة من 75 صفحة، والتي هي خلاصة مسح أعدته مجموعة الاستشاريين العرب «Arab Advisors Group» لمستخدمي الانترنت في السعودية، أكدت المجموعة أن أكثر من 42 في المئة من نشطاء التجارة الإلكترونية في السعودية يستخدمون بطاقات الائتمان.
دراسة اقتصادية أخرى أعدتها شركة غارتنر قدرت حجم التجارة الإلكترونية بين القطاعات التجارية والمستهلكين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العام 2005 بـ 480 مليون دولار فقط.
وذكرت دراسة أخرى أصدرتها إدارة البحوث الاقتصادية التابعة للبنك الأهلي المصري في العام 2002 ونشرتها جريدة الشرق الأوسط اللندنية أن حجم التجارة الالكترونية العربية حينها بلغ 3 مليارات دولار، فيما يتوقع أن يصل لنحو 5 مليارات دولار بنهاية عام 2002 وذلك مقابل 3.1 تريليون دولار عالميا.
وتضيف الدراسة « أنه بينما تصدرت دول مجلس التعاون الخليجي قائمة الدول العربية من حيث حجم التجارة الالكترونية بقيمة 3.1 مليار دولار، أتت مصر بعدها بنحو 500 مليون دولار فيما توزعت 2.1 مليار دولار أخرى على بقية الدول العربية.»
أهم ما تقوله هذه الأرقام، دون بذل أية جهود أو أية محاولة تحليلها، هو عدم توفر دراسة علمية دقيقة تستند إلى معلومات موحدة صحيحة عن واقع ونمو «التجارة الإلكترونية» في البلاد العربية، وهذا برأينا يعود إلى عوامل كثيرة من بين أهمها:
1- عامل حضاري، حيث مازالت كفاءة مؤسسات ومركز البحث العالمي العربية - وخصوصا تلك العاملة في حقول الاقتصاد والمال - لم ترق إلى متطلبات السوق الإلكترونية، ومن ثم فهي غير مؤهلة للقيام بدراسات بمقاييس علمية عندما يصل الأمر إلى القنوات الإلكترونية التي تشكل البنية التحتية للاقتصاد المعرفي، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على تحديد المعلومات المطلوبة وضمان اقتنائها عبر قنوات كفؤة.
2 - عامل فني، حيث تفتقر تلك المؤسسات أيضا إلى القنوات الفنية المتطورة التي تمنحها القدرة على الوصول إلى المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب ومعالجتها بالطريقة الصحيحة لضمان الخروج باستنتاجات سليمة ومتينة قابلة للتحدي.
3- عامل بشري، فما تزال المؤسسات التعليمية والتأهيلية العربية غير قادرة على إنتاج الموارد البشرية التي تحتاجها السوق العربية للقيام بمثل هذه المسوحات والدراسات، هذا من جانب، ومن جانب آخر، هي غير قادرة لأسبا كثيرة من استقطاب الكفاءات التعليمة التي تعينها على القيام بذلك.
واقع الحال هذا الذي يحيط واقع التجارة الإلكترونية العربية بالكثير من الغموض، ويثير حولها العديد من التساؤلات، كله يصب في طاحونة واحدة هي « تدني « نسبة مساهمة التجارة العربية التي لا تتجاوز ، حتى يومنا هذا، ما قيمته 2في المئة من نسبة التجارة الإلكترونية العالمية التي تقدر بحوالي 5 تريولانات.
وعلى نحو أكثر شمولية يؤكد هذا الواقع أن التجارة الإلكترونية العربية أمام تحد مصيري إن هي أرادت أن تكون جزءا من السوق العالمية أو الاقتصاد المعرفي الدولي. وهذا يعود إلى أن الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة ونظيرتها العربية ما زالت كبيرة حيث تتفوق الأولى بنحو 5 أجيال من تكنولوجيا الحاسبات الآلية، الأمر الذي يتطلب مضاعفة موازنة التطوير والبحوث العلمية والتكنولوجية في الدول العربية التي مازالت لا تتجاوز 7.0في المئة من إجمالي الناتج البالغ 621 مليار دولار. كما ولابد من إزالة العقبات التي تحول دون تطور هذه الصناعة عربيا وفي مقدمتها سيطرة الشركات العالمية على الأسواق العربية في هذا المجال. وضعف كفاءة وانتشار استخدام الانترنت في الوطن العربي علاوة على ارتفاع تكلفة الحصول على موقع حيث تبلغ 800 ألف دولار سنويا وذلك نتيجة فرض رسوم مرتفعة على هذه الخدمة في معظم الدول العربية، وذلك في الوقت الذي باتت فيه التجارة الالكترونية أسلوبا مميزا لعقد الصفقات التجارية وتوفير فرص الاستثمار وتجنب العديد من معوقات التجارة التقليدية كالرسوم غير الجمركية ومشاكل منافذ الجمارك والنقل وغيرها. كما أن هذه الوسيلة المتطورة تعد أهم تطبيقات تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يمنح صناعة الالكترونيات أهمية كبيرة في مجالات عديدة وكذلك باعتبارها صناعة واعدة يمكن تصديرها للخارج.
ويبرز هنا ، وبشكل حاد أهمية الدور الذي ينبغي أن تمارسه المؤسسات المالية العربية، وفي مقدمتها البنوك العربية التي لابد لها من أن تقوم بمجموعة من الوظائف الهامة في مجال التجارة الالكترونية منها تقديم الخدمات والمنتجات المصرفية للعملاء عبر شبكة الانترنت وضمان تسوية المدفوعات بين العملاء والمتعاملين معهم من خلال الشبكة الدولية فضلا عن التعاون مع آليات دولية لتطبيق أحدث النظم التكنولوجية الموضوعية لحماية المعاملات التجارية المقدمة من خلال الانترنت. وكذا توفير شبكات الاتصال للعملاء مع الالتزام بالمواعيد والجودة والمواصفات .
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1954 - الجمعة 11 يناير 2008م الموافق 02 محرم 1429هـ