عام جديد ندخله اليوم. عام جديد يضاف إلى سنِيِّ عمرنا. يزيد من أعمارنا، وللأسف، لا ينقص من رصيد أحلامنا/ آمالنا/ مطالبنا/ حقوقنا المتجددة في كل عام.
عام جديد ندخله ونحن مازلنا بلا سكن ولا عمل، وعوضا عن أن نسحب من حساب أوهامنا الكثيرة، نضيف إلى وديعتنا التي يبدو أننا لن نستخدمها إلا في زيادة أوجاعنا والتحسر على العمر الفاني بلا شيء... غلاء في أسعار حليب أطفالنا، بل وسلعنا الاستهلاكية كلها، في حين رواتبنا مازالت «متضعضعة»، إن زحزحت بكَمْ دينار التهمتها نيران الأسعار في ثوانٍ، فلا هي صبرت علينا قليلا ولا رحمت بحالنا.
عام تمنينا فيه أن يحل ولو اليسير من مشكلاتنا، ولو برمي جزء من تركة الديون والأقساط التي أثقلت كاهلنا، لنمضي فيه ونحن نشكو غلاء الأسعار الذي ما كان للمسئولين أن يعترفوا بوجوده، في حين هي تنهش في جيوبنا وبطوننا. وها نحن نختمه باستدانتنا حتى من البقالات والبرادات، وتحريمنا لبعض أنواع الخضر والفواكه لأن أسعارها «إسراف وتبذير»... فهل لا يوجد غلاء بعد؟!
عام تضاعفت فيه أعدادنا، ولا نعلم هل ضربنا بـ «تحديد النسل» عرض الحائط لنصبح «أمة ولاّدة» مرة أخرى، أم إننا طبّقنا ذلك بشكل مبالغ فيه حتى أصبح عددنا قليلا بالنسبة إلى الوظائف الشاغرة والخدمات الإسكانية الكثيرة جدا والأراضي الشاسعة التي تنتظر من يعمرها، عوضا عن المشروعات الاستثمارية وعوائد النفط والدخل القومي والتعليم العالي والصحة التي هي حرام أن تضيع «مجانيتها» أو تبقى مجمدة، ولذلك كان ولابد من زيادة عددنا باستقطاب جاليات من الخارج، ولا مانع إن ترأسونا، وسكنوا البيوت ورمونا في شقق، وقضوا على كل معالم قرانا ومناطقنا التي رسمناها بأنفسنا لتصطبغ بمواطنهم الأصلية... وهذا كله من باب رد الجميل لأناس كاثروا عدد المدعوين «بحرينيين» حتى يليق بهم السكن في مملكة!
عام مضى ختامه دم وغليان وثورة. جهة تطالب بحقوق فتتحول إلى «مخربة»، وجهة تحافظ على الأمن فتتحول إلى «معذبة»، بينهما يقع أبرياء ضحايا لا سلموا من الظلام وأدخنة «الحرائق»، ولا نجت أجسادهم من سموم «الفلفل المطحون»... وخارج ساحة المعركة، معركة أخرى بين مؤيد للجهة الأولى ولو «قلبيا»، وبين مؤيد للجهة الثانية ولو أعلن تأييده بتشدق ونفاق ولبس عباءة المواطنة (الوسيلة الأمثل للظهور في الصورة). وعلى ذلك لا تخلو الساحة من شرفاء من الجهتين يسعون فعلا إلى «حل وسط» يكفينا الحرب وشرورها.
تركة الآمال ثقيلة، كونها متراكمة منذ أعوام ويمكن أن تكون متوارثة، والغريب أننا مازلنا متمسكين بها ومازلنا نرجو تحقيقها... ومازلنا نأمل العام تلو العام أن يعمَّ السلام الكون، ولكننا في هذا العام نأمل السلام على أرضنا، مع أنفسنا وذوينا أولا، قبل أيِّ سلام آخر... ومازلنا نردد: «هابي نيو يير»، وكأن العبارة تجديد للآمال وتذكير بالوعود التي مرَّ عليها عام جديد ولم يوفَ بها بعد
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1943 - الإثنين 31 ديسمبر 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1428هـ