يكتسب إنتاج الطاقة النووية مضامين تنموية مهمة باعتبارها أرخص أنواع إنتاج الطاقة في العالم، ما يؤدي إلى توفير مصدر رخيص للطاقة ويساهم في خفض كلف الإنتاج، وخصوصا الإنتاج الصناعي ويرفع من القدرة التنافسية للمنتجات بأشكالها كافة، وقد أدركت بعض دول المنطقة كإيران أهمية هذه المسألة وبدأت في بناء مفاعلاتها النووية في هذا الإطار قبل سنوات.

وإذا ما أخذنا كلفة إنتاج الكيلووات/ الساعة من الكهرباء، فإن إنتاجها باستخدام الديزل يبلغ في الوقت الحاضر 8 سنتات للكيلووات / ساعة، مقابل 7,5 سنتات للغاز الطبيعي و 2,2 سنت للفحم و1,3 سنت فقط باستخدام الطاقة النووية.

لذلك، فان الظروف الحالية المتمثلة في زيادة الطلب على مصادر وارتفاع أسعار النفط والغاز تعطي الطاقة النووية أفضليات عدة، وخصوصا أن ارتفاع أسعار الطاقة ضاعف من معدلات التضخم في بلدان العالم، بما فيها البلدان المنتجة للنفط وساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وأدى الى تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلدان النامية المستوردة للنفظ.

ويعمل حاليا ما يقارب 450 مفاعلا نوويّا في مختلف بلدان العالم، وخصوصا في البلدان الصناعية المتطورة، كما أن هناك 32 مفاعلا تحت الإنشاء ليس من بينها أي مفاعل في أي بلد عربي.

كذلك ليس لأية دولة عربية حتى الآن محطة لتوليد الكهرباء النووية. ولكن بعض الدول العربية بدأت أعمال بحوث الوقود النووي المدني منذ زمان. وتتخذ جميع الأطراف الآن موقف المتفرج ، لتقرر خطوتها القادمة بحسب كيفية حل المسألة النووية الايرانية. ويرى المحللون ان الدول العربية المعنية لن تتسرع فى صنع أسلحة نووية وذلك بسبب القيود السياسية والاقتصادية.

واليوم هناك ثلاث دول عربية تميّزت في وقت ما بقوة التوجه في برامجها النووية، وهي: مصر، والعراق، والجزائر، وحاولت الجزائر اقتحام هذا المجال منذ فترة طويلة، إلاّ أن الوضع الاقتصادي وكثرة القلاقل الداخلية، وعدم توافر كوادر علمية متخصصة للنهوض ببرنامج نووي ذي فاعلية لم يمكنها من ذلك. وقد اقتصر النشاط الجزائري في هذا المجال على صور للتعاون مع بعض الدول مثل ألمانيا، والأرجنتين، وكوريا الشمالية، وباكستان لإنشاء مفاعلات أبحاث، وتمتلك الجزائر مفاعلين نووين بقدرة ضعيفة يستخدمان للأغراض السلمية.

أما العراق فقد حصل على أول مفاعل نووي في العام 1968 من الاتحاد السوفياتي، وشهدت الفترة منذ العام 1975 حتى العام 1979 تعاونا نوويّا بين العراق وفرنسا تم خلالها تزويد العراق بمفاعلين يعملان باليورانيوم المخصب الذي تعهدت فرنسا بتقديمه وبتدريب (600) عالم ومهندس وفني عراقي في المجالات النووية. كما تم توقيع بروتوكول للتعاون النووي في مجال الأبحاث العلمية والتطبيقية بين العراق وإيطاليا في العام 1977 بشأن التدريب وأعمال الصيانة للمفاعلات النووية الأربعة التي تم توقيع اتفاق لشرائها. ومنذ العام 1974 ظل العراق يبذل جهودا كبيرة لتوفير مصادر الوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعلاته محليّا ومن مصادر خارجية، وشهد عاما 79 و 1980 قيام «إسرائيل» بتعطيل البرنامج النووي العراقي.

وبالنسبة إلى مصر، فإن الحديث عن سعيها إلى تطوير قدرات نووية حقيقية بما يسمح لها بإنتاج سلاح نووي قد تزايد منذ العام 1998 عندما صرّح الرئيس مبارك بأن «مصر ستتزود بالسلاح النووي إذا دعت الحاجة إلى ذلك»، وهو ما أثار مخاوف المؤسسات الصهيونية، وزاد القلق أكثر عندما أعلنت مصر في إبريل/ نيسان 2002 أنها قررت إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية في غضون 8 أعوام، بما يعني توافر محطة حقيقية وليست تجريبية مثل المحطات الحالية، وهو ما تم وصفه بأنه نقلة نوعية مهمة في طريق البرنامج النووي المصري.

يبقى بعد كل ذلك، المشروع النووي المدني الثالث في ليبيا، التي تبدي نوعا من التذمر من أنها تخلت عن برنامجها النووي العسكري في ظل تفاهم مع الولايات المتحدة وبريطانيا، ولم تحصل على شيء بعد ذلك. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت «فرنسا» في الصورة لتبدأ تفاهمات بشأن إقامة برنامج نووي سلمي في ليبيا خلال الفترة المقبلة.