العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ

الصين تبحر نحو إفريقيا 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على الجانب الآخر استطاعت القارة الإفريقية وبعد سنوات من الاستقرار النسبي في بعض دولها أن تحقق نموّا بسيطا في التنمية الاقتصادية، وتحقق نسبة نمو بلغت من 4 إلى 5 في المئة، كما أن بعض الإصلاحات التي تجري على قدم وساق في بعض الدول الإفريقية أحدثت تغييرا جزئيّا في البنية الاقتصادية، وتمكنت 5 دول إفريقية من تحقيق معدل نمو تجاوز الـ 7 في المئة في العام 2003، وهو المعدل اللازم لخفض معدل الفقر إلى النصف بحلول العام 2015 بحسب منظور بعض الخبراء الاقتصاديين، وتلك الدول هي: بوركينا فاسو، تشاد، غينيا، موزمبيق، أنغولا.

كذلك تدرك الصين، وهي من أكثر دول العالم حاجة إلى الطاقة والمعادن الطبيعية، حجم احتياطي الثروات والموارد الطبيعية التي تمتلكها القارة، إذ تسهم بحوالي 30 في المئة من الإنتاج العالمي للطاقة والثروات المعدنية، التي من أجلها تتكالب جميع القوى عليها من دون أن تستفيد هي منها الاستفادة المرجوة. إذ تختزن القارة الإفريقية، كنسبة من مخزون العالم من مصادر الطاقة والثروات المعدنية: 8 في المئة من النفط ، 5 في المئة من الغاز الطبيعي، 87في المئة من الكروم، 30 في المئة من اليوارنيوم، 55 في المئة من الذهب، 70 في المئة من الفوسفور، 42 في المئة من الكوبالت، 57 في المئة من المنجنيز، و95 في المئة من الماس، 70 في المئة من الكاكاو، 90 في المئة من البلاتينويوم.

في ضوء هذا الواقع الذي تعيشه الكتلتان، الصينية والإفريقية، يمكن فهم العلاقة المستقبلية المحتملة بينهما، وخصوصا إذا ما أدركنا أن جذور الصداقة تعود إلى تاريخ قديم، ولها أساس متين. وكانت الصين وإفريقيا تعرضت لمعاناة متشابهة في التاريخ، وظلتا تتعاطفان مع بعضهما بعضا وتدعمان نضالهما الساعي إلى التحرر الوطني، الأمر الذي أقام صداقة عميقة بينهما. ثم جاء تأسيس الصين الجديدة واستقلال الدول الإفريقية كي يفتح عصرا جديدا لعلاقاتهما. وخلال أكثر من نصف القرن الماضي، توثقت العلاقات السياسية بين الجانبين وتكررت الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى وتكثفت التبادلات البشرية، وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما تطورا سريعا، وحقق التعاون بينهما في المجالات الأخرى نتائج فعالة، وتعزز التشاور والتنسيق بينهما في الشئون الدولية يوما بعد يوم. وقد قدمت الصين للدول الإفريقية مساعدات على قدر الإمكان، كما قدمت الدول الإفريقية دعما قويا في مختلف النواحي للصين.

وخلال عقد الستينيات، وفي إطار أجواء الحرب الباردة، ساندت الصين الكثير من الحركات السياسية ذات التوجه اليساري في إفريقيا في إطار سياستها لنشر «الماوية»، ثم شهدت العلاقات بين الجانبين حالة من الفتور امتدت منذ منتصف السبعينيات حتى نهاية القرن العشرين. ومع نهاية التسعينيات، عادت العلاقات الصينية - الإفريقية للانتعاش مرة أخرى، وخصوصا مع انطلاق منتدى التعاون الصيني- الإفريقي الذي تأسس في العام 2000، وشكل آلية فعالة للحوار الجماعي و ملتقى مهما للتعاون بين الصين وإفريقيا.

وتحت إطار المنتدى، قامت الصين بإلغاء ديون تصل قيمتها إلى 1,38 مليار دولار أميركي كانت مستحقة على 31 من البلدان الأقل تقدما المثقلة بالديون في إفريقيا، كما أنها وسعت من نطاق إلغاء التعرفة الجمركية على بعض الواردات إلى الصين. كما منحت الصين 29 دولة إفريقية، من الدول الأقل نموا التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، 190 نوعا من المنتجات، ينتظر أن تصل خلال السنوات المقبلة إلى 440 نوعا من المنتجات، إعفاء من الرسوم الجمركية.

وفي العام 2005 شهدت العلاقات الصينية - الإفريقية نقلة نوعية حيث عقد في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2006، في بكين أعمال القمة الصينية - الإفريقية، بمشاركة اكثر من أربعين زعيما إفريقيا، تحت شعار «صداقة وسلام وتعاون وتنمية، وهي القمة الأرفع مستوى والاجتماع الأضخم بين الزعماء الصينيين والأفارقة منذ شروع الصين والدول الإفريقية في إقامة روابط تعاون فيما بينهما خلال عقد الخمسينيات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً