العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ

بين التعليم و التدريب... مؤسسات تسبح في بحر من المجهول (1-2)

عبدعلي محمد حسن comments [at] alwasatnews.com

أيهما أهم؟ وأيهما أكثر فائدة؟ التدريب أم التعليم، وهل هناك فرق بين التدريب والتعليم؟

قانونا نعم هناك فرق، فالقوانين بمملكة البحرين تفرق بين المؤسسات التعليمية والتدريبية وتصنف البرامج ما بين تعليمي وتدريبي.

وهناك لجنة مشتركة بين وزارتي العمل والتربية والتعليم لتحديد المعايير الواضحة التي تمكن الوزارتين من الفصل بين المؤسسات والبرامج التعليمية والتدريبية، ولكن هذه اللجنة لم تستطع إلى الآن الوصول للمعايير المطلوب تطويرها، أهي بسبب صعوبة الفصل أو كما يحلو للبعض وصفه باستحالة الفصل.

هذه جدلية نتعامل معها في قطاع التدريب بمملكة البحرين وأصبحت كالجدليات الأزلية التي يصعب ترجيح كفة من فيها على أخرى، فهي تذكرنا بجدلية البيضة والدجاجة وجدلية أيهما أفضل نظام «المسارات الموحدة» أم «التخصصية».

نعم إنها قضية ليست بالسهلة ولكنها طفت على السطح وتحتاج إلى حلحلة خاصة في ضوء القوانين والمؤسسات والهيئات الحكومية المستحدثة في عالم التدريب والتعليم.

نعود ونسلط الضوء على المرسوم بقانون رقم (25) لسنة 1998م و الخاص بالمؤسسات التعليمية و التدريبية الخاصة:

تعرف المادة رقم ( 1 ) من المرسوم المؤسسة التعليمية الخاصة بأنها:

«هي كل مؤسسة تعليمية غير حكومية، تقوم بالتربية والتعليم والتثقيف، تحت إشراف وزارة التربية والتعليم أيا كانت جنسية أصحابها»، وكذلك تعرف المادة نفسها المؤسسة التدريبية الخاصة بأنها:

«هي كل مؤسسة غير حكومية تزاول نشاطا تدريبيا ينشئها و يمولها أشخاص بحرينيون طبيعيون أو اعتباريين، أو بالاشتراك مع أشخاص أو مؤسسات غير بحرينية أو تنشئوها مؤسسة أجنبية موجودة في دولة البحرين أو خارجها بالاشتراك مع أشخاص طبيعيين أو اعتباريين بحرينيين،أو مؤسسة أجنبية مملوكة بالكامل لغير البحرينيين بقصد التدريب لممارسة مهنة معينة أو زيادة المهارات أو تحسين القدرات أو رفع الإنتاجية وتحت إشراف وزارة العمل والشئون الاجتماعية.»

لا اعتقد بأننا نحتاج إلى أي مساعدة فنية أو خبير قانوني ليفسر لنا بأن هذا المرسوم بقانون لم يوضح بجلاء الفرق بين المؤسسة التعليمية والتدريبية، فإذا ما نظرنا للشكل القانوني لهذه المؤسسات وجدنا أن كلاهما غير حكومية وأن ملكية هذه المؤسسات ترجع لأصحابها سواء أن كانوا أشخاصا اعتباريين أو طبيعيين بحرينيين أو أجانب.

ويأتي الفرق الوحيد الواضح في التعريف في جانب الفئة المستهدفة بحيث تستهدف المؤسسة التعليمية طلبة المدارس والجامعات لتطوير معارفهم التعليمية وتثقيفهم، أما المؤسسات التدريبية فهي التي تقوم بإعداد موظفي المؤسسات والشركات لممارسة مهنة معينة أو زيادة المهارات بهدف تحسين القدرات و الإنتاجية.

وهذا الفرق يبين أن المؤسسات التعليمية متخصصة في مجال تعليم وتثقيف طلاب المدارس والجامعات ولا يجب بأي حال من الأحوال أن توجه خدماتها وأنشطتها لخدمة الشركات أو المؤسسات الأهلية منها أو الحكومية وهذه آلية مقنعة إذ إن برامج هذه المؤسسات التعليمية تكون مصممة في الأساس لخدمة الطلاب لأغراض التعليم والتثقيف و لا يمكن بأي حال استخدامها لأغراض تدريب الموظفين.

ولكننا على أرض الواقع نرى هذه المؤسسات التعليمية تقدم البرامج التي صممت وصدقت من قبل وزارة التربية والتعليم، لتعليم وتثقيف طلاب المدارس والجامعات إلى قطاع المؤسسات والشركات لتطوير مهارات الموظفين بقصد زيادة الإنتاجية، ونكون بذلك كمن ألبس قميص أبنه إلى ابنته، فلا هو مخصص للبنت و لا يلبي حاجة البنت.

وتبعا للمرسوم بقانون رقم (25) لسنة 1998 فإن مرجعية المعاهد التعليمية تعود لوزارة التربية والتعليم، أما مرجعية المعاهد التدريبية فهي لوزارة العمل.

ودعونا هنا ننظر للمفارقات:

تحتاج المؤسسات التدريبية لتصديق برامجها لدى وزارة العمل إلى تقديم: المادة التدريبية، منهجية التدريب والتقييم، الإطار العام للبرنامج التدريبي، المدة والرسوم المقترحة، وتصديق مدرب البرنامج ولكل من هذه الأمور معايير رصينة طورتها إدارة شئون معاهد التدريب، ويستغرق وقت ترخيص البرنامج من أسبوعين إلى ثلاثة.

وعلى النقيض، فإن المعاهد التعليمية مطلوب منها أن تقدم المادة العلمية التي تستلمها إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم و ترسلها لإدارة المناهج وبعد موافقة المناهج يصدر الترخيص للبرنامج من دون الالتفات إلى الأمور الفنية الأخرى.

والغريب بالأمر فإن وزارة التربية والتعليم تصدر هذه التراخيص بسرعة، فمثلا يتمكن المعهد التعليمي من تصديق 20 برنامج دفعة واحدة وخلال أيام بسيطة، وأنا أدعو وزارة العمل للاستفادة من خبرات وزارة التربية في مجال سرعة البت في ترخيص البرامج.

وأمرا آخر ذا صلة بموضوع ترخيص البرامج، فبينما تقر وزارة العمل لتصديق البرامج العالمية على ضرورة وجود اتفاقية بين المعهد والجهة المانحة العالمية ووجوب استصدار الشهادات من قبل الجهة المانحة العالمية، فإن وزارة التربية والتعليم ترخص برامج عالمية لجهات مانحة وتسمح للمعاهد التعليمية بإصدار شهادات حضور فقط، مع عدم الطلب من معاهد التعليم تقديم اتفاقية تعاون مع الجهات المانحة!

هذا مخالف لأنظمة الجهات المانحة العالمية، في الوقت ذاته محفز على فوضى التعليم بالمعاهد التعليمية الخاصة بالمملكة، فمثلا هناك معهد تعليمي يقدم برامج التقوية لطلاب المدارس والجامعات، برامج اللغة الإنجليزية والحاسوب للطلاب وموظفي الشركات والمؤسسات، برامج حاسوب مهنية احترافية، برامج إدارية قصيرة، برامج الالتحاق بالجامعات.

ولم يبق لهذا المعهد سوى تقديم برامج علوم الطاقة الذرية والطب البشري ليصبح بذلك أكبر مجمع تعليمي وتدريبي بالعالم.

وفي هذا الصدد نتوجه بالاستفسارات التالية:

1. سؤال قانوني لوزارة العمل:

هل يجوز السماح للمؤسسات التعليمية التي حدد المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1998م أنشطتها بتعليم و تثقيف طلاب المدارس باستخدام موازنة رسوم التدريب التي تدفعها الشركات، ألا يعتبر هذا مخالفة صريحة لنصوص القانون؟

2. سؤال فني لوزارة العمل ؟

كيف يتم استخدام برامج تعليمية مخصصة لتعليم و تثقيف طلاب المدارس لتطوير مهارات و قدرات موظفي الشركات؟ هناك فجوة كبيرة بين الاثنين فالتعليم يركز على المعرفة بقصد زيادة الوعي ثم التثقيف، أم التدريب يركز على المهارة ثم زيادة إنتاجية الموظف،أنا أرى أن هذا الخلط هو خرق واضح لفكرة الفصل بين البرامج التعليمية و التدريبية ؟

في رأيي، أما أن تكون هذه البرامج موجهة لفئة طلاب المدارس والجامعات وفي هذه الحالة لا يجوز قانونا استخدامها لموظفي المؤسسات والشركات، أو أن نعترف بأنة لا يمكن الفصل بين معاهد التعليم والتدريب.

3.سؤال آخر لوزارة العمل:

تم إرسال أخطاء المعاهد التدريبية بالمملكة لترتيب عملية التأمين على المدربين أثناء عملية التدريب وذلك حسب قانون «التدريب المهني» الذي يطبق على كل المعاهد التدريبية، ولا ضير في ذلك ولكن من المسئول عن التأمين على موظفي الشركات والباحثين عن العمل والطلاب الدارسين في المعاهد التعليمية التي لا يشملها قانون «التدريب المهني».

أم أن نعترف بأن الفصل بين المعاهد التعليمية والتدريبية عملية غير مجدية أو أن تقوم الوزارة بإصدار قانون «التعليم المهني» بجانب «التدريب المهني» وربما تحتاج إلى مجلس جديد يسمى «بالمجلس الأعلى للتعليم المهني».

* عامل في مجال تطوير الموارد البشرية

إقرأ أيضا لـ "عبدعلي محمد حسن "

العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً