يقول أهل اللغة: العيد هو ما اعتادك من حزن وهموم أو فرح وسرور. ويقول العلماء: ان العيد وقفة مراجعة لما كان عليه الإنسان في اليوم ذاته من العام الماضي وما هو عليه في هذا اليوم في العام الحالي.
في العيد، تشحذ الأمهات همتها لخاطر فلذات أكبادهم. فالأمهات في ظلهم الوارف نحيا، وببركة دعائهم نتنفس صباح مساء. في دفء مشاعرهم ودفقات عواطفهم ما تزهر به الدنيا قبل ربيعها، وتتورد بها الأزهار قبل ينعها وأوان قطفها. ليس للمرء، في هذه الدنيا، أعظم أو أورع من صدر أم يحنو عليه، وقلب يدق محبة وصفاء إليه، ولسان يطوق بالدعاء خطواته... هذه الأم العظيمة الرائعة... هي سيدتي الوالدة العزيزة، حفظها الله ورعاها وأطال عمرها بالخير.
ويعود بنا شريط الذكريات إلى بدايات الوعي بالتسجيل والأرشفة. فتعود ذكرياتنا دائما إلى حيث الأعزاء الذين ودعوا الحياة، ومن هم على موعد معنا في حياة أخرى... هؤلاء الأحبة الذي نسأل الله أن يجمعنا وإياهم في جنات الخلد... ومن منا لم يفقد عزيزا عليه؟ فهذا فارق أمه وذاك ودع أباه... وهكذا دواليك. وقد يكون هذا الفقد هو الباعث الحثيث على النجاح! إذ من الممكن أن يكون غاية المرء من النجاح إرضاء الحبيب البعيد الذي فقده في حياته... فالمرء يفاخر أمام الموتى بأنه فعل كيت وكيت! ولعل في الحب الذي يربطنا مع الموتى ما يجعلنا نسمو بأخلاقنا، ونشحذ هممنا من أجل النجاح الذي يرضيهم وكم من امرئ فعل ذلك عن قناعة؛ ونجح!
عزيزي القارئ، لا تدع العيد يزورك ولم تتغير رزنامة حياتك إلا يوما واحدا قد تغير... فالعيد حينما يزور النفس البشرية وقبل تحترق مسافات الزمن الأولى من فجر يوم جديد؛ علينا أن نعاجله بفورة صفاء ونقاء مع الجميع، لتنقشع آثار عام مضى من العناء والشقاء والنصب، ومن الضغينة والحقد والحسد. إن للعيد معاني عدة، أدناها أن تشعر بالعالم من حولك، وأن تقف على الخير الذي وهبك الله إياه، نعمة الإسلام، هذا الإسلام الجامع المانع، الجامع لكل خير والمانع من كل شر.
علينا استبدال أيامنا في يوم العيد، وان نتخذ قرارا حاسما بشأن إفشاء السلام بيننا. وهو “العيد” إيذانا بتطهير الأرواح وعلوها عن الأدران والأمراض التي تفتك بها، تلك الأمراض التي تهتك ستر النفس البشرية وعفتها. ولتحرص عزيزي القارئ أن يزورك العيد وأنت قد استبدلت أيامك بالخير، وكسوت نفسك معاني المحبة والسلام. إن لم يكن يوم العيد هو يوم صفاء نفسي واستجمام روحاني عن الحقد والحسد والضغينة؛ إن لم يكن كذلك فليس للعيد أي معنى آخر!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1930 - الثلثاء 18 ديسمبر 2007م الموافق 08 ذي الحجة 1428هـ