بعد تقرير المخابرات الأميركية الذي ذكر أن إيران أوقفت برنامج الأسلحة النووية في العام 2003، تواصلت الدعوات الأميركية إلى فرض عقوبات على طهران، على رغم أن هذا التقرير الذي أصدره فرع من فروع الحكومة يفند كل المزاعم الأميركية بوجود برنامج نووي عسكري إيراني.

كل هذا الإصرار ليس غريبا فمن المعروف عن السياسة الأميركية عنجهيتها، فالساسة في واشنطن يصرون دائما على أنهم على صواب حتى إن كانت كل الدلائل تشير إلى أنهم على خطأ. ولكن الغريب هو إعلان مثل هذا التقرير الذي حمل في طياته تراجعا أميركيا عن سياسة قلقلة للوضع في المنطقة.

ويبقى الهدف الأول منه هو السعي إلى إثارة قلاقل بين الدول التي كانت ومازالت مختلفة في هذا الشأن. وعلى أنه هدف معتاد تسعى واشنطن إلى الهروب من الفخاخ التي وقعت فيها وثبت أنها مخطئة في الشأن النووي الإيراني، فهي تمضي في طريق تحويل نظرة دول المنطقة إلى الجمهورية الإسلامية من دولة تسعى للتحرر من العبودية الأميركية إلى كيانٍ يحاول ضعضعة استقرار وأمان الدول المجاورة، وهذا ما بدا واضحا في القضية العراقية.

وتبقى السياسة الأميركية تتخبط بيد الساسة يمينا وشمالا باحثة لها عن منفذ لتنتقل من سيئ إلى أسوأ، فكلما جاء رئيس اتخذ طريقا مخالفا لسلفه، وعاث فسادا فيما لا يعنيه من شئون الدول مستغلا مخاوفَ، أو مستخدما أسلوب العصابات بالترهيب، وفي حالات نادرة الترغيب، مع الدول التي لا تنفع معها الأساليب الأخرى.