لم أفهم حقا حين أمسكت في يدي مستندات تشير إلى مناقصة وزارة الأشغال والإسكان المتعلقة بتطوير أعمال قسم العلاقات العامة ومساندته، سببا لمثل هذا النوع من المناقصات، التي تقدمت شركات العلاقات العامة وأكثرها أجنبية، بمبلغ يصل إلى 120 ألف دينار وهو أقل العطاءات المقدمة.
ربما هذه المناقصة تؤكد صدق ادعاءات الكثير من الصحافيين، علاوة على المواطنين العاديين، إزاء ضعف وتهالك أداء أقسام العلاقات العامة في جميع وزارات وأجهزة الدولة ولا أخص هنا وزارة بعينها، ولكن المجحف حقا أن نرى رجال علاقات عامة بارعين جدا من البحرينيين يعملون في شركات علاقات عامة، وصحافيين بارعين كذلك يعملون في صحف ومجلات ووكلات أنباء دولية لا يستفاد منهم! ليس ذلك فقط، فجامعة البحرين تخرج سنويا عشرات الطلاب المتخصصين في الإعلام وتفرعاته (صحافة وتلفزيون وعلاقات عامة وحتى تصميم ووسائط متعددة) ليبقى السؤال: هل نحتاج إلى إنفاق هذه الأموال الطائلة لاستجلاب شركات لذلك؟
لا أعتقد أن الموضوع يتوقف عند هذا الحد فقط، فأكثر من صحافي يشكو من أقسام العلاقات العامة التي هي بمثابة ديكور للمؤسسات، إذ الاكتفاء بشرب الشاي والقهوة وتجاهل أسئلة الصحافيين، بل وفي كثير من الأحيان عدم فهمها، بل وأصبحت مجالا لتوظيف المحسوبية... وهذا واضح جدا، إذ غالبية المسئولين لا يفهمون أصلا ما العلاقات العامة التي بدأ بها إيفي لي الأميركي قبل سنين طويلة في الولايات المتحدة الأميركية، حين كان أحد التجار يشكو تدهور صورته أمام الناس على رغم أنه يساعدهم كثيرا في فعل الخير ودفع التبرعات، لكن هذا الصحافي الأميركي ساعد رجل الأعمال هذا في تحسين صورته أمام الناس بالوقائع طبعا وليس الافتراءات.
في بعض أقسام العلاقات العامة التي يصل عدد العاملين لديها إلى ثلاثة بل ويزيد على ذلك، عندما تذهب للاستفسار الساعة 11 أو 12 ظهرا، تجد بعضهم - في بعض المؤسسات - ليسوا على مكاتبهم أو جالسين (لا شغلة ولا مشغلة) وكثير منهم غير متخصص في العلاقات العامة وكأنها صارت مهنة من لا مهنة له، وحين ترسل إليهم الاستفسارات كما يطلب المسئولون من الصحافيين، فكأن عقارب الساعة قد توقفت لديهم! ليس طبعا جميع العاملين في العلاقات العامة في الدولة كذلك، لكنهم للأسف السواد الأعظم، وحتى تكون العلاقات العامة مهنة تخدم المجتمع بحق وليست مهنة ديكور تستهلك الأموال والوقت والطاقات، يجب على المسئولين أن يولوا اهتماما أكبر بهذا الجانب المهم الذي تطور في المجتمعات الصناعية المتقدمة، ولكنه للأسف لم يطبق لدينا كم يجب.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1921 - الأحد 09 ديسمبر 2007م الموافق 29 ذي القعدة 1428هـ