العدد 1914 - الأحد 02 ديسمبر 2007م الموافق 22 ذي القعدة 1428هـ

يكاد المريب أن يقول خذوني

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

كلما تأملت في أحد المواقف التي حدثت لي شخصيا ومتيقنة من أنها تكررت للمئات بل للآلاف من حولي، تذكرت على الفور ما عنونت به مقالي اليوم «يكاد المريب أن يقول خذوني»، كإخوة يوسف وفعلتهم بأخيهم.

المريب عندما تكون في نفسه غاية شريرة، يوجه كل ذكائه إلى ما يهدف إلى تحقيقه من غايات خبيثة، في حين يكون ذكاؤه الاجتماعي والمنطقي في أدنى مستوياته، وخصوصا إذا كان هذا المريب مصابا بمرض اجتماعي مستفحل، لا يشفى منه أبدا بل هو مزمن، من أعراضه أنه يحاول تدمير كل ما هو جميل ويحوله إلى رماد.

أتذكر جيدا عندما دار بيني وبينه حوار منذ عامين تقريبا تسرع بالقول «إنني متهم في الكثير من الأحيان بأنني طائفي غير أنني لست كذلك»، وقتها تفاجأت بطرحه وقلت في نفسي: لماذا ذكر أصلا هذا الكلام فلا موقع لكلامه من الإعراب؟ ولكن عندما دارت عقارب الساعة ومرت الأيام عرفت أن لديه نية «شينة»، و «طائفية» بحتة يحاول أن يخفيها بكلامه المعسول غير أنه بغبائه استطاع أن «يفقأ عينيه».

إلى الآن لا أعتقد بأن هناك أي جديد في الموضوع، ولكن الجديد عندما يكون بطل القصة التي أتحدث عنها يعد أحد أبطال مسلسل الطائفية البغيضة في البحرين، والأسوأ عندما نعلم أنه يعمل في حقل جد حساس ويحاول استغلال صلاحياته وموقعه بصورة بشعة هدامة. أتعرفون لماذا أصف القطاع الذي يعمل فيه بأنه حساس؟ لأن عليه أن يربي وأن يعلم وبالتالي عليه أن يغرس أجمل القيم.

لكن ما عساه أن يربي وأن يعلم وهو لا يفقه أدواره بسبب الغشاوة التي غطت عينيه بسبب الأحقاد والكره، كقابيل عندما أقدم على قتل أخيه هابيل لتسجل الإنسانية أول جريمة قتل، ولكم أن تتصوروا أخا يقتل أخاه حقدا وكرها وغيرة، لست أدري ماذا أقول أكثر، ولعلكم تتساءلون: من يكون الشخص يا ترى؟ لست بصدد التشهير بأحد ولا يعد ذلك أحد أهدافي، لكنت فعلا قد نجحت، ولكن أتكلم عن قضية عامة تحصل للكثير بل ربما لا نغالي إذا قلنا بحدوثها يوميا. أتمنى أن يكون الشخص الذي أتحدث عنه يقرأ ما كتبته، وأظنه كذلك فهو مثل الرادار يحاول أن يرصد تحركاتي، وبدوري أقول له ولأمثاله: من راقب الناس مات همّا.

المهم أن التمثيل بالنسبة لي انفضح أمره، وأصبحت أرى الشخوص بلا غطاء، لا يهمني ما قدموا من أدوار، وأرى في النهاية نتاجا مخيفا على أرض الواقع، نحتاج إلى أن نضع نهايات منطقية لكل ما هو غير منطقي يسير على الأرض، ولن نقبل بأن تعيش معنا مخلوقات غريبة وغير إنسانية تعيش بنفسيات مريضة على كوكبنا البشري الذي اعتاد أن يعيش على الحلوة والمرة وأن يكون شفافا.

ولهؤلاء الذين تتلطخ أيديهم بدماء الطائفية البغيضة... عليهم أن يحترقوا بغيِّهم، وأنا واثقة من أن نهايتهم قريبة، فالفساد الإداري والمالي لا يمكن له أن يترعرع في أرض الإصلاح.

وأمام هؤلاء المرضى الذين نتقزز من رؤيتهم ونشعر بالدوار كلما تكلمنا عنهم خياران اثنان فلا يحتاج الأمر إلى الذهاب إلى عيادة صحية ومصحة نفسية، ولكن عليهم أن يأخذوا الوصفة السحرية من المصحة الاجتماعية هذه المرة، لأن الذين تأذوا وتضرروا، عليهم أن يقرروا أن يهجروا مرضهم المبتلين به ويتغلبوا عليه بإرادتهم الحقيقية في التغيير والشفاء والانسلاخ من الواقع الاجتماعي المخيف الذي وضعوا أنفسهم فيه وأعاقوا الكثير من الإنجازات إذا لم تتوافر لديهم الإرادة أو الرغبة الحقيقية، أو أن يختاروا طريق هجران الآخر وهو أن يهجروا مواقعهم القيادية والإدارية التي هم فيها، فذلك أصلح لهم وللقطاع الذي يمثلونه بلا مواربة وبكل جرأة، حتى لا تنتقل العدوى الطائفية إلى الأصحاء المصلحين الذين يعملون ليل نهار من أجل تحقيق الإصلاحات، فاليوم لا نحتمل كذبا، ولا زيفا، ولا جدلا؛ فالمواقف واضحة ولا تحتمل رتوشا أكثر مما عليه الآن، والناس بدأت تعرف أكثر من السابق.

ولا ثقة لمثل هؤلاء، ولا مكانة اجتماعية لهم ولا تربوية، وما فائدة المكانة العلمية إذا لم تكن لها انعكاسات إيجابية على الواقع الاجتماعي والتربوي؟ فهل يبحث الناس عن الأوراق، أم عن الأداء والدور الفعال؟ فالذي يترك مبادئه ويتخلى عنها يوما مقابل أهداف فئوية ومن منطلقات نفسية ضيقة، يجب أن يأتي اليوم الذي نصر فيه على التخلي عنه.

أحاول من هذا المقال أن أوجه رسالة واضحة لا تحتمل اللبس إذا أردنا فعلا الإصلاح، وإن رغبنا فعلا في التخلص من الأمراض المعششة في قطاعاتنا الحيوية الحساسة، فعلينا أن نستوعبها جيدا، وأن نضع النقاط على الحروف حتى نفهم النص ومضامينه، وعلينا أن نخلع قبعة الثقة لنرى من هو الجدير بها لنلبسه إياها.

ومن مأثور «كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته»، فإن المجاملة مرفوضة لأننا صرنا ندفع ضريبتها غالية الثمن، اللف والدوران مرفوض لأنه يبعدنا عن الحقيقة ويجعلنا ندور في حلقة مفرغة، ودهاء الثعلب الماكر لا يتماشى مع العمل المهني المبدئي، وإذا كان المريب لا يعترف بذنبه على رغم أن الاعتراف بالذنب فضيلة، فلا يعني ذلك أنه بريء، وعلينا كلما اقتربنا من حقيقة معينة أن نتابعها حتى نصل إلى الحقيقة الكاملة، ومحاسبة المفسدين واجب وطني وعلى الجميع أن يشترك في المطاردات، ولا دخان بلا نار... انتهى الدرس وأظن أنه قد فهم فـ «اللبيب بالإشارة يفهم».

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1914 - الأحد 02 ديسمبر 2007م الموافق 22 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً