بدأ الكثير من اللاجئين العراقيين الذين تغص بهم الكثير من بلدان العالم وخصوصا البلدان المجاورة سورية والأردن بالعودة إلى وطنهم حيث ولدوا وحيث تربوا وترعرعوا وأجبرتهم الحروب الطاحنة وتعاقب الحكومات الظالمة وآخرها الاحتلال الذي سبب ما سبب وخلف ما خلف من دمار وقتل وإيغال في دماء العراقيين حتى باتت رخيصة تباع النفس الواحدة على يد الإرهابيين بمئة دولار أميركي وربما أقل... بدأوا بالعود إلى أوطانهم.
هكذا وبمجرد بصيص أمل الأمان والهدوء في وطنهم تسارع المجبرون على الغربة والمكرهون على اللجوء إلى بلدان لم تأذن لهم ولو بالمحافظة على عزهم وكرامتهم، متناسية المثل الذي يقول ارحموا عزيز قوم ذل... هكذا تهافتوا علّهم يعودون إلى حيث المنبت والأرض التي ألفوها وتحن إليها أنفسهم في كل لحظة من لحظات الغربة التي كتبت عليهم قهرا وتجرعوها بمرارة لا تطاق.
حينما يكتب على الإنسان أن يعيش على خلاف الاختيار فإنه يكون في حكم المجبر وتشمله كل الأحكام التي تكون في الغالب استثنائية وتسمى في بعض المصطلحات بالثانوية ولكن المواطن العربي - وخصوصا العراقي الذي لم ينعم قط في القرون الأخيرة بعقد بل بسنة بل يمكن أن أدعي بشهر - لا يحظى بهذه الأحكام الاستثنائية والتي سميناها بالثانوية حتى ولو كان في ظرف الجبر على الغربة والإكراه على اللجوء إلى خارج بلده، فما أن تتاح له فرصة العودة إلى بلده ويشم رائحة الأمان حتى يعود ولو على ظهر قتب، فهنيئا لشعب لم يبتل بمرارة الغربة وصدق الإمام علي (ع) حينما يقول: نعمتان مجهولتان، الصحة والأمان.
العدد 1911 - الخميس 29 نوفمبر 2007م الموافق 19 ذي القعدة 1428هـ