لابد من الإشارة إلى أن الطاقة الشمسية هي من المجالات والتخصصات العلمية الحديثة إذ يعود تاريخ الاهتمام بالطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في مطلع الثلاثينات إذ تركز التفكير حين ذاك على إيجاد مواد وأجهزة قادرة على تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية وتم اكتشاف مادة تسمى السيلينيوم التي تتأثر مقاومتها الكهربائية بمجرد تعرضها للضوء وقد كان هذا الاكتشاف بمحض الصدفة، إذ إن أساس البحث كان لإيجاد مادة مقاومتها الكهربائية عالية لغرض تمديد كابلات للاتصالات في قاع المحيط الأطلسي.
وأخذ الاهتمام بهذه الظاهرة يتطور حتى مطلع الخمسينيات حين تم تطوير شرائح عالية القوة عن مادة السليكون تم وضعها بأشكال وأبعاد هندسية معينة وقادرة على تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية، لكن كانت الكلفة عالية جدا، هذا وكان أول استخدام للألواح الشمسية المصنعة من مادة السليكون في مجال الاتصالات في المناطق النائية تم استخدامها لتزويد الأقمار الاصطناعية بالطاقة الكهربائية إذ تقوم الشمس بتزويد الأقمار الاصطناعية بالطاقة الكهربائية بحيث تكون الشمس ساطعة لمدة (24) ساعة في اليوم ومازالت تستخدم حتى يومنا هذا، وبعمر افتراضي يتجاوز عشرين عاما.
ثم تلت فترة الخمسينيات والستينيات فترة مهمة أخرى في مجال الاهتمام بالطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة ففي النصف الثاني للسبعينيات، حينما أعلن العرب حضر تصدير النفط إلى الغرب، بدأت دول عدة تعطي اهتماما بالغا بالطاقة الشمسية واستخدامها وأثمرت هذه الفترة نشر وتطور تكنولوجيا الطاقة الشمسية إذ انتشر استخدامها في مجالات عدة مثل: الاتصالات - والنقل - والإنارة ... وغيرها، وأصبحت الطاقة الكهربائية المولدة من الشمس في المناطق التي تكون فيها الطاقة الشمسية عالية مثل اليمن تنافس المصادر التقليدية للطاقة من ناحية الكلفة الاقتصادية ويتطلب ذلك تصميم أنظمة الطاقة الشمسية المتكاملة لتوليد وخزن الكهرباء ومن ثم تحويلها من تيار مستمر إلى تيار متردد مثل الكهرباء التي نستخدمها في منازلنا جميعا.
ويشار إلى أن سوق الطاقة الشمسية هو من أسرع الأسواق نموا في العالم. ففي ألمانيا وحدها تباع حاليا ما قيمته 4,8 مليارات يورو من المنتجات المرتبطة بإنتاج الطاقة الشمسية، ويتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 8 مليارات في العام 2012، وبذلك يكون سوق الطاقة الشمسية في ألمانيا هو أكبر سوق من نوعه في العالم، ومن المتوقع أن يرتفع الاعتماد على الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء في ألمانيا إلى 25 في المئة بحلول العام 2050.
هذا يجعل من ألمانيا دولة رائدة في مجال الطاقة الشمسية ليس على مستوى الإنتاج فحسب بل وفي تقنيات فحص جودتها. إذ تتوجه 70 في المئة من شركات إنتاج الطاقة الشمسية في العالم إلى ألمانيا لفحص منتجاتها للحصول على شهادة الجودة التي تمكنها من الدخول إلى الأسواق العالمية.
وتحتاج الشركات المنتجة لهذه التقنيات أن تحصل على شهادات تثبت فعالية منتجاتها وجودتها، وذلك شرطا للدخول إلى الأسواق الأوروبية أو الأميركية أو غيرها، وليس اختبار هذه التقنيات بالأمر الهين؛ فهذا النوع من الاختبارات يحتاج إلى خبرة وإمكانات متطورة، ولأن ألمانيا بدأت مبكرا في إنتاج وتطوير تقنيات الطاقة الشمسية أصبح لديها عدد من المراكز المتخصصة في اختبار هذه التقنيات.
أما على المستوى العربي، فيمثل مشروع الجزر الشمسية العائمة بإمارة رأس الخيمة، نقطة التقاء وتعاون بين خبيرين، هما توماس هندرلينغ وياسين العلاني، والأول متخصص في العلوم الفيزيائية والثاني في العلوم التقنية والطاقة، وإذا كان هندرلينغ هو الباعث الحقيقي للمشروع والمشرف المباشر على العلاقة مع السلطات الإماراتية المعنية، فإن التكنولوجيا المطبقة وخصوصا المولّدات المسطّحة concentrateur extra-plat من ابتكار ياسين العلاني.
وقد بدأ العمل بالمشروع بعد إبرام عقد بين المركز السويسري للإلكترونيات والتقنيات الدقيقة CSEM الذي يتعاون معه ياسين العلاني، وإمارة رأس الخيمة في مايو/ أيار 2007، وبدأ فعلا بناء النموذج التجريبي المتمثل في جزيرة عائمة يبلغ قطرها 100 متر، وتتبع في حركتها حركة الشمس، وتحف أطرافها قناة ممتلئة بالماء تساعدها على الطفو فوق سطح البحر، وسيبنى النموذج التجريبي في الصحراء.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1907 - الأحد 25 نوفمبر 2007م الموافق 15 ذي القعدة 1428هـ