المتابع للوضع العربي يتلمس فتورا تجاه قضاياه الرئيسية كالقضية الفلسطينية، وينصدم أكثر حينما يجد أنّ الأجيال الصاعدة بدت تعيش في عالم بعيد عن هذه القضايا، ويرى اهتمامات أخرى لديها بحيث تضع قضايا الأمّة في الهامش والمرتبة الأخيرة.
هذا الوضع الذي يحمل في طياته نذير شؤم ليس وليد يوم واحد أو ظرف معين، إنما هو تراكمات صاغتها وخلقتها الحكومات العربية التي قتلت الشعور بالانتماء لهذه الأمّة عبر خلق العقبات الداخلية والاستئثار بالسلطة، إضافة إلى أصحاب القضية الذين غيروا بوصلة المواجهة ضد المحتل، واتجهوا نحو أنفسهم يقتلون بعضهم بعضا، حتى أصبح المحتل يتفرج مسرورا على ذلك مستمرا في خططه وسياساته بكلّ يسر وسلام.
فمن المخجل حقا أن تتصدر هذه الاشتباكات عناوين صحفنا العربية التي طالما وظفت جهودها في سبيل التغني بالقضية الفلسطينية وتجذيرها في الأنفس. فبالأمس القريب طالعتنا الصحف بما جرى في غزّة، إذ انتهى مهرجان لإحياء الذكرى الثالثة لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمجزرة بعد أن أطلق مجهولون النار باتجاه الألوف التي حضرت المهرجان، فاندلعت على إثر ذلك اشتباكات بين عناصر حركة «حماس» ومؤيدي حركة «فتح» أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 150 آخرين.
وظلت الحركتان تتبادلان الاتهامات في اندلاع هذه المجزرة حتى ضاعت الحقيقة وسط هذه الفوضى. فإذا كان أصحاب القضية هذا أنفسهم وموقفهم اتجاه قضيتهم، فكيف بنا نحن الذين تطحننا الهموم الداخلية وتبعدنا عنهم المسافات؟!
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1900 - الأحد 18 نوفمبر 2007م الموافق 08 ذي القعدة 1428هـ