إن الامور التي تعرضنا لها في المقال السابق تجعل من الدخول إلى شبكة الإنترنت مخاطرة غير محسوبة العواقب، فمع ازدياد عمليات القرصنة الإلكترونية تحول الإنترنت إلى سوق كبير يتضمن فى جنباته نشاطا تجاريّا واسع النطاق بحسب ما ورد في تقرير أصدرته شركة «سيمانتك لصناعة برمجيات حماية الحواسيب».
وفي هذا السياق، حذر مدير التقنية في شركة «تريند مايكرو» المتخصصة في تقديم الحلول على مستوى مراكز المعلومات، ريموند غينيس من أن القرصنة على وشك إجراء نقلة نوعية تقنية كبرى هي الأولى من نوعها في التاريخ.
وأضاف غينيس أن الفيروسات وأحصنة طروادة (التروجان) وما يمكن إرساله عبر البريد الالكتروني أصبح شيئا من الماضي، وأن الموجة الجديدة من القرصنة ستأتي مباشرة عبر مواقع الانترنت فيما يمكن ان يطلق عليه اسم «تهديد المواقع».
ويقدم غينيس شرحا لهذه الفكرة، فيقول: «إن تهديد مواقع الانترنت هو إمكانية استخدام المواقع لتنفيذ برامج تدميرية عدائية لأجهزة الزائرين لهذه المواقع، فبدلا من إرسال هذه البرامج عبر البريد الالكتروني والتي تتطلب أن يقوم المستخدم بتنزيل هذه البرامج على جهازه وتنفيذها فإن البريد ربما يحمل وصلة الى موقع فقط وبمجرد ضغط المستخدم على هذه الوصلة تنتقل الى الموقع الذي يقوم بباقي المهمة في عملية القرصنة.
ومما لاشك فيه أن التحول الحضاري والتقدم العلمي اللذين اجتاحا العالم في العصر الحديث أحدثا تغيرا ملموسا في نوعية الجرائم والمجرمين. فبعد أن كانت الغلبة للجرائم القائمة على العنف أو القسوة أصبحت الغلبة للجرائم القائمة على المقدرة الذهنية والذكاء. وتعتبر شبكة الإنترنت إحدى نتائج هذا التحول الحضاري والتقدم الذي اجتاح العالم في العصر الحديث.
ولو حاولنا استعراض أهم أشكال او تمظهر تلك الجرائم وأدواتها؛ فسنجد أمامنا قائمة طويلة من الصعب حصرها، تبدأ بأبسطها مثل ما يعرف بالتسويق الفيروسي، ولا تنتهي عند محاولة انتحال الشخصيات وتزويرها. لكن يمكن الحديث عن أهمها وهي:
إعادة الشحن: عملية يتم من خلالها توظيف متآمرين أو شركاء لا علم لهم بالموضوع، لتسلم طرود تحتوي على بضائع إلكترونية، أو سلع أخرى، كان تم شراؤها بواسطة بطاقات ائتمان مزورة أو مسروقة، فيعاد شحنها، عادة إلى خارج البلاد. وعندما يكتشف التاجر أن بطاقة الائتمان كانت مزورة، تكون البضاعة أصبحت في بلد آخر.
البريد الإغراقي (سبام) الإجرامي: وهو عبارة عن رسائل إلكترونية ترسل بالجملة من دون أن تكون طلبت وتُستعمل للاحتيال على المؤسسات المالية، وتزوير بطاقات الائتمان، وسرقة الهوية، والجرائم الأخرى. ويمكن أن يُستعمل البريد الإغراقي أيضا وسيلة للدخول إلى الكمبيوترات الخاصة وأجهزة شركات تقديم خدمات الإنترنت من دون إذن، أو لإيصال الفيروسات وبرمجيات الكمبيوتر الاجتياحية إلى كمبيوترات أخرى.
اصطياد كلمات المرور: وهو محاولات لسرقة كلمات السر الإلكترونية والمعلومات المالية عن طريق تظاهر المجرم بأنه شخص جدير بالثقة أو مؤسسة أعمال عبر اتصال إلكتروني يبدو وكأنه رسمي، كرسالة إلكترونية أو موقع إلكتروني.
سرقة الهوية: هي نتيجة عمل يقوم به المجرم مستخدما معلومات شخصية مسروقة لشخص ما من أجل اقتراف عملية احتيال أو جرائم أخرى. وكل ما يحتاج إليه المجرم لسرقة هوية هو القليل من المعلومات الشخصية.
تهديد الأمن القومي والعسكري: هناك من الجرائم التي ترتكب بواسطة شبكة الإنترنت يكون الهدف أو الدافع من وراء ارتكابها دوافع سياسية تتمثل في تهديد الأمن القومي والعسكري وظهور ما يعرف بحرب المعلومات والتجسس الإلكتروني والإرهاب الإلكتروني، مثل ما حصل في الفترة ما بين العامين 1990و1991م عندما استطاع 5 متسللين من هولندا التسلل إلى 34 نظاما من أنظمة الحاسب الآلي في مواقع الجيش الأميركي على شبكة الإنترنت، بما في ذلك المواقع التي كانت موجهة مباشرة إلى عملية عاصفة الصحراء، إذ استطاعوا الحصول على معلومات في غاية الأهمية عن مواقع دقيقة للقوات الأميركية وأنواع الأسلحة التي تمتلكها تلك القوات، وقدرة صواريخ باتريوت، وحركة السفن الحربية الأميركية في منطقة الخليج. وفي العام 1999م تمكن مراهق أميركي عمره 16 عاما من اختراق حاسبات وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتمكن من نسخ برامج من إدارة الطيران والفضاء قيمتها حوالي 7،1 ملايين دولار.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1900 - الأحد 18 نوفمبر 2007م الموافق 08 ذي القعدة 1428هـ