بعد أن قامت «إسرائيل» بتصفية رؤوس «حماس» الواحد تلو الآخر، رأينا كاريكاتيرا في الصحف العربية يصوّر عملية قتل أي قيادي بأنها توالد لقيادات أخرى تنبع من فكر الشهيد نفسه. ولكن بعد كل هذه التخبطات التي وقعت فيها «حماس» كان لزاما على الحركة الوقوف لنقد الذات حتى تصل إلى حلول لما وضع قياديوها من أشياءَ لا تمت إلى الحكمة «الحماسية» الجهادية بشيء.
مع بدء السلسلة بالاستيلاء على قطاع غزة وانتهاء بتصريحات القيادي نزار ريان خلال مسيرة في غزة بقوله: «قلنا في السابق سنصلي الجمعة في المنتدى وصلينا والآن نقول سنصلي الخريف المقبل في المقاطعة في رام الله»، في إشارة إلى النية للسيطرة على مقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي قوبلت برفض «كل ما من شأنه تأجيج الساحة»، والانتقاد الواضح لأول مرة من قِبل قياديين هما فرج رمانة وحسين أبوكويك خلال مؤتمر صحافي، فتح للعالم أجمع حجم تلك الاختلافات التي ضربت عمق الجسم «الحماسي» ونتأت بالخلافات بين حمائم المنظمة وصقورها.
هذا التصارع في التصريحات وإثباتها من جهة ونفيها من جهة أخرى يتعارض مع ما قامت عليه هذه الحركة، التي جعلت حرب الكيان الصهيوني غاية في حد ذاتها، بَيْد أنها حادت عن الغاية إلى غاية أخرى لا ندري هل هي نتاج الاختلال التفكيري الذي أحدثته «إسرائيل» فيها وكل ذاك عائد – بحسب ظني - إلى المراهقة الفكرية أم هو بداية تسليط «الأنا» على «الأنا» نفسها لتبدأ بعد ذاك الحركة في الانتكاسة الانقلابية الايديولوجية؟
إقرأ أيضا لـ "أحمد الحداد"العدد 1882 - الأربعاء 31 أكتوبر 2007م الموافق 19 شوال 1428هـ