لا أدري إن كان مصادفة أن أسمع عن، أو أتعرف على، عدد من حالات المرض النفسي المباغت لأشخاص كثيرين خلال فترة زمنية قصيرة، ولا سيما أن القاسم المشترك بين تلك الشخوص غالبا ما كان الفقر وطيبة القلب.
تزايد أعداد المرضى النفسيين في البحرين جرّاء الظروف المادية الصعبة تحول إلى ظاهرة موت بطيء لفقراء هذا البلد، وخصوصا إذا نظرنا إلى طرق المعالجة التي تتبعها الدولة معهم. فالتكاليف المرهقة تُنتج بطبيعتها ضغوطا كبيرة على معدومي ومحدودي الدخل لا يتحملها إلا أصحاب القلوب الصلبة، بينما يسقط أمام قسوتها العشرات من المساكين (عزيزي النفس) فيلجئهم البحث عن لقمة العيال إلى الهوس والتفكير السلبي وبالتالي انفصام الشخصية.
أسوأ ما يستشعره المرضى النفسيون أو مرافقوهم إلى مستشفى الطب النفسي هو الوضع الخليط بين المرضى، ما يشعر المتعالج وكأنه في «دار المجانين»، وبالتالي إما أن يرفض الذهاب (بما تبقى لديه من عقل) إلى سجن كهذا، أو يرضخ للدخول ثم يلجأ إلى الانتحار، كما حدث لإحدى الحالات أخيرا. ولا حلول واقعية أخرى إلا المال، ولا مال!
إلى الآن لم تفكر الدولة بجدية في طرق التعامل مع هذه الظاهرة المتفشية، على رغم أنها تتحمل الجانب الأكبر من مسئولية ضياع التوازن المعيشي، فغني البحرين غني غني وفقيرها فقير فقير. ولا مهرب لهؤلاء وعوائلهم من أنياب الفقر وتراكم الديون وحلم السكن إلا الأوهام النفسية التي تسلك بهم إلى الجنون.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ