العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ

الشركة أم الوطن؟

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن تصريح وزير العمل مجيد العلوي بأن «بعض رجال الأعمال يفضلون حماية شركاتهم بدلا من أوطانهم» لم يكن فقط وليد الخلاف بشأن قضية بقاء العمال الأجانب لفترة 6 سنوات كحد أقصى في الدول الخليجية والذي تقدمت به مملكة البحرين إلى قمة أبو ظبي في العام 2005 وتم استبعاده نتيجة ضغط الغرف التجارية الخليجية وما أثاره رجال الأعمال من أن ذلك سيؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية من المنطقة, وإن كان لا أحد يعلم بما يدور في فكر الوزير عند إطلاقه لهذا التصريح إلا أن الكثير من المؤشرات والتجارب تشي بما ذهب إليه العلوي بدأ بالضغوط التي مارسها أصحاب الأعمال من أجل تفريغ سياسة إصلاح سوق العمل من مضمونها و تخفيض الرسوم المفروضة لأقل من 20 في المئة عما كانت عليه في دراسة «ماكنزي» مرورا بجهود الوزارة في توظيف العاطلين عن العمل وفرض نسبة البحرنة لدى بعض الشركات “الوطنية” قسرا بالإضافة إلى إقناع الشركات والمؤسسات برفع مستوى رواتب البحرينيين إلى 200 دينار.

على التجار وأصحاب الأعمال الذين يشتكون من النظرة السلبية التي تكونت لدى المجتمع عنهم أن يدركوا أن الاعتماد على العمالة الرخيصة لن يدوم إلى الأبد, وأن التوزيع العادل للثروة التي ينادي بها الجميع في الوقت الراهن هي ليست مسئولية الحكومة فقط وإنما هي أيضا مسئولية القطاع الخاص الذي يجني الأرباح الطائلة ويبخل بأقل القليل على موظفيه فلم يعد مقبولا انقسام المجتمع إلى فئة صغيرة غنية وغالبية فقيرة وضياع الطبقة المتوسطة نتيجة قلة الرواتب.

كما أنه لا يمكن إقناع المواطن البحريني بأهمية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البحرين ما لم يلمس المواطن بشكل واقعي تأثير جذب هذه الاستثمارات على تحسين مستواه المعيشي من خلال إيجاد فرص عمل جديدة و تحسين مستوى الرواتب, ففي الواقع أن المستفيد الأساسي من جذب هذه الاستثمارات هم فئة قليلة من المجتمع تربطهم مصالح تجارية واقتصادية مع المستثمرين الأجانب في حين لا يحصل المواطن إلا على الفتات المتناثر من مائدة الاستثمار الأجنبي فعند الحديث عن إيجاد فرص عمل جديدة فإن القطاع الخاص خلق خلال السنوات الخمس الأخيرة أي منذ العام 2002 وحتى منتصف العام الحالي ما يقارب من 133 ألف وظيفة جديدة ذهب ما يقارب الـ 87 في المئة منها إلى العمالة الأجنبية إذ لم يتم توظيف غير 16 ألف مواطن مقارنة مع 117 ألف وظيفة ذهبت في مجملها للعمالة الوافدة في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن وجود ما يقارب من 2000 عاطل عن العمل من خريجي الجامعات.

أما ما يخص تحسن المستوى المعيشي للمواطنين فإن هذه السنوات الخمس شهدت انخفاضا في مستوى الأجور بدلا من زيادتها فقد انخفض متوسط الأجور من 221 دينارا في العام 2002 إلى 210 دنانير مع نهاية العام 2006 مع ملاحظة أن 70 في المئة من العاملين في القطاع الخاص في البحرين يتقاضون أجورا اقل من مستوى الفقر المحدد بـ 337 دينارا شهريا.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً