العدد 1879 - الأحد 28 أكتوبر 2007م الموافق 16 شوال 1428هـ

حروب النفوذ وراء معاقبة بي بي 3/4

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بدأت الولايات المتحدة فرض العقوبات ضد إيران منذ العام 1979عقب اقتحام السفارة الأميركية في طهران. وفي نهاية العام 1996 أعلن قادة الاتحاد الأوروبي رسميّا معارضتهم قانون العقوبات المفروض على إيران وليبيا بإصدار قرار رقم 2271 موجه إلى أعضاء الاتحاد الأوروبي يدعوهم إلى عدم الاستجابة لسياسة العقوبات المفروضة من جانب الولايات المتحدة، وتصاعدت حدة المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى نقطة الذروة، ولذلك فإنه في مايو/ أيار العام 1998 قررت إدارة كلينتون رفع العقوبات عن شركة «توتال».

وفي الشهور الأولى من إدارة بوش العام 2001 ظهرت بوادر تؤشر إلى أن العقوبات قد يتم رفعها، وأن العلاقات بين طهران وواشنطن في طريقها إلى التحسن. هذا التفاؤل تم استنتاجه من عدة تصريحات صادرة عن كبار المسئولين وخصوصا من جانب كل من نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، ووزير الخارجية كولن باول.

حينها قامت الشركات الأميركية الكبرى أمثال إكسو – موبيل، وشيفرون، وكونوكو بإجراء اتصالات مع الشركة الوطنية الإيرانية وبكبار المسئولين الإيرانيين على أمل إلغاء العقوبات في القريب العاجل، وفي مطلع العام 2001 اجتمع الرؤساء التنفيذيون في هذه الشركات الكبرى الثلاث مع رئيس مجلس الشورى الإيراني مهدي كروبي في دورته السادسة ووزير الخارجية كمال خرازي اللذين كانا في زيارة للأمم المتحدة في نيويورك للتباحث بشأن رفع العقوبات المفروضة على إيران.

واعتبر الكثير من المحللين الاقتصاديين أن تلك الخطوة الأميركية هي بمثابة الالتفاف على تنامي العلاقات الإيرانية الأوروبية التي تطورت على حساب المصالح النفطية الأميركية في طهران. لكن الصراع الأميركي- الإيراني المعقد تصاعد من جديد وزادت من حدته الظروف التي واكبت دخول القوات الأميركية العراق وبدأ يقترب من الذروة مع بروز قضية المفاعل النووي الإيراني، الأمر الذي وضع الاحتكارات النفطية الأميركية أمام خيارات صعبة في صراعها الذي تخوضه ضد الاحتكارات النفطية الأوروبية، بما فيها «بريتش بترولويم».

ومن إيران ننتقل إلى الساحة العراقية إذ واجهت بريطانيا منذ مطلع القرن العشرين ندّا قويّا وجديدا تمثل في الولايات المتحدة الأميركية التي أخذت مصالحها في التغلغل في المنطقة في هذه الفترة بحثا عن موطئ قدم لها بين مصالح الدول الكبرى الأخرى.

ومع أن التجارة والمشاريع الاستثمارية الاقتصادية كانت أحد وجوه المصالح الأميركية في مطلع القرن الماضي، فان هذه المصالح أخذت تنحصر في الاستثمارات النفطية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. بحكم تطور أهمية النفط عالميّا ودخوله في معظم الصناعة المتطورة في العالم الغربي.

وكان لابدّ لهذه المصالح من التصادم مع المصالح البريطانية التي تمثل أبرز المصالح الدولية في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج العربي خصوصا.

وقد كان من نتائج ذلك التصادم أن نجحت المصالح الأميركية في الدخول إلى ميدان الاستثمار في هذه المنطقة، فما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى استأنفت المصالح الأميركية النفطية نشاطها الذي بدأته قبل الحرب والذي واجه عراقيل وعقبات من قبل بريطانيا، وكان من أبرز ما يميز هذا النشاط دخول الشركات الأميركية في ميدان التنافس الدولي على نفط العراق واجبار الحكومة البريطانية للرضوخ أمام مطالبها للإسهام في استثمار نفط العراق إلى جانب المصالح الأخرى. وقد أدركت السياسة البريطانية ثقل الضغوط الأميركية التي واجهتها في العراق، وكان من جراء ذلك أن عقدت اتفاق الخط الأحمر الذي سوت بموجبه خلافاتها مع المصالح الأميركية، ومن ثم تقييد نشاط الشركات الأميركية في المنطقة بالشكل الذي لا يتضارب مع مصالحها هناك.

على أن اتفاق الخط الأحمر اغلق باب التنافس أمام الشركات الأميركية المساهمة في شركة نفط العراق فقط. وعلى هذا فالاتفاق لم يمنع الشركات الأميركية الأخرى غير المساهمة في شركة نفط العراق من الدخول إلى المنطقة، كما أن هناك مناطق مثل الكويت لم يشملها الاتفاق وبهذا فليس ثمة ما يحول دون دخول الشركات الأميركية المساهمة في شركة نفط العراق وغير المساهمة إليها.

لقد تمكنت بريطانيا، حينها، من إحكام قبضتها على العراق وغلق الباب في وجه المحاولات الاميركية، لكنها أخفقت في مساعيها على الساحة السعودية، ما يفسر ردود الفعل القوية التي انعكست على الموقف البريطاني في الكويت واصراره على إبعاد المصالح الاميركية عنه، ولولا القوة التي ظهرت بها هذه المصالح ودعم الحكومة الأميركية لها في هذا الصراع، لما وافقت السياسة البريطانية على فكرة العمل المشترك بين المصالح البريطانية والأميركية لاستثمار نفط الكويت.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1879 - الأحد 28 أكتوبر 2007م الموافق 16 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً