العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ

هل صحيح أن «الوفاق» تحتضر؟

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يخطئ من يتصور أن الوفاق تحتضر أو باتت على مهب الريح، صحيح أنه لا أحد منا يختلف بشأن أن الدور التشريعي المقبل هو الفصل الفاصل بين ما نريده وما نتمناه وبين ما نستطيع تحقيقه وما يراد لنا فيه، لكن الوفاق ما زالت تنبض بالحيوية، ومازالت تمتلك الكثير، ومازالت باستطاعتها تقديم المزيد، ولم تمت بعد، ومن يحاول أن يخنقها في عنفوان عطائها، ويثير الغبار مع بدء الفصل التشريعي الثاني فقد أخطأ في حق الوطن، فهل نستوعب الدرس جيدا؟

هناك قدر كبير من الاتفاق على أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعد حدثا ذا أهمية استثنائية في إطار مرحلة الحراك التي تمر بها العملية السياسية في البحرين في الآونة الأخيرة، لا سيما وأن تلك الانتخابات جاءت بعد دخول المعارضة فيها بشكل قوي، صحيح أن صعود بعض الكتل الإسلامية لا يرجع إلى فعالية برنامجهم السياسي بقدر ما لقوة العاطفة الدينية لدى البحرينيين وبمساندة قوية من قبل الحكومة مع بعضهم، لكن ذلك لا ينفي أننا نعاني من قصور حقيقي في صلاحية البرلمان، فمن المعروف أن من أهم وظائف البرلمان هو التشريع والرقابة وأن مراقبة أداء البرلمان يكون منصبا على مدى الأداء الجيد لتلك الوظائف وبالتالي فإن ضعف البرلمان يعني النقص في قدرة أعضائه على مراقبة الحكومة والمساهمة في سن القوانين وبالتالي يؤدي إلى ضعف في التحول الديمقراطي في دولة تواجه أبواب العولمة والمساءلة في حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية.

الحكومة عمدت إلى احراف العمل البرلماني لجعله واجهة يتحمل فيها ضعف الخدمات وقلة المعيشة،ونجحت في ذلك، خصوصا أن المواطن البحريني أصبح لا يعطي اهتماما لما يحدث في البرلمان بالصورة التي يهتم بها في محاسبة دور المجلس المنتخب في تحسين معيشته وحل المشكلات المتعلقة بالإسكان والتعليم والصحة، لذلك أصبح الناخبون غير راضين عن أداء نوابهم بسبب ضعف في خدماتهم، ما يشكل ضغطا كبيرا على النائب والذي بفعله سيتحول من نائب جل همه الكشف عن مواطن الفساد ومسآلة الحكومة والتشريع إلى نائب خدمات، وهذا ما يؤثر على العمل البرلماني ويشجع على صعود نواب الخدمات وفي ذلك حرج كبير للنواب الآخرين الذين يراد لهم أن يحملوا ملفات ناخبيهم على أبواب الوزارات، لذلك أصبح لدى المواطن ضبابية ولبس إزاء أداء البرلمان وما يناط به، وذلك ناتج عن غياب الثقافة البرلمانية التي تساهم فيها الحكومة بشكل كبير، فمؤشرات شفافية البرلمان تعتمد بالدرجة الأولى على درجة انفتاح جلساته ونشر محاضره، وحرية الاطلاع على مقترحات القوانين، ودرجة الوضوح في أعمال اللجان وانفتاحها على الرأي العام.

ما يحدث من مخاض سياسي داخل قبة البرلمان ليس بعيدا عن توقعات الوفاق لكنها في المقابل لا تمتلك سوى خطابها لكي تعبر به، ذلك الخطاب الذي يطالب بتصحيح الأداء السياسي، حتى لا يتحول الحكم الديمقراطي إلى مجلس قيادة، وتصبح الأقلية في حكم الغالبية، لقد ظهر جليا للعيان أن هذا الخطاب أصبح وحده لا يكفي هنا، فالتاريخ لا يكتبه إلا المنتصرون، والوفاق لن تقدم شيئا ما لم تكن قوية ومستقرة وعلى درجة من الثبات السياسي فلا تحقيق للعدالة بغير قوة وبرامج قابلة للتفوق والحسم، وطرح قضايا من دون النظر إلى الزوبعات التي تثار هنا وهناك، بغية انحراف المؤشرات والتصيد في أكثر من اتجاه.

مازالت الوفاق تعيش هاجس الخيار وتبعاته، تعمل لإثبات جدواه، وأن كل ما يحدث في الساحة هو نتيجة لذلك الخيار، بعيدة عن منحى القرار الذي يلزم بالعمل السياسي ومعطياته من دون النظر لتأثير النتيجة، آن الأوان للوفاق أن تُسيّر أعمالها وفق منهجية القرار الذي هو مزيج من المنطق والحس البديهي الناتجين من دقة المعلومة والخبرة في التعاطي السياسي، من قال إن القرار لا يحمل في طياته المخاطرة وروح المواجهة، لكنه بطبيعة الحال أمرا حاسما بحيث لا تترك جميع الأمور في سلة واحدة فتوزيع المخاطر اسلم، وربما الصمت في بعض المواقف انفع، إذ ربما المشكلة قد تنتهي من تلقاء نفسها، أو أن الحوادث قد تضعفها وتجد حلا بديلا لها.

الوفاق تعاني من أزمة سببها الحكومة، بقية الكتل، الجمهور، فأين يكمن الحل؟، ما زالت رؤية الوفاق حية تنادي» من أجل بناء وطن عصري تتوافر فيه المشاركة الشعبية في صنع القرار ويحقق مبادئ الحرية والعدالة والمساواة في ضوء الرؤى الإسلامية»، مازالت الوفاق تمتلك الجمهور وتستطيع إعادته إليها مهما حدث، لذلك ينبغي أن يساهم في صنع القرار عن طريق:

- الاستفتاء، فعلى للوفاق تدشين غرف خاصة في مبنى الكتلة من أجل هذه الخدمة وتطرح القضايا التي يراد بها رأي جماهيرها مع توضيح الصورة بشكل يتيح لهم اختيار الأفضل، ولو اتبعت ذلك في استقطاع 1 في المئة لجنبت نفسها غضب الناس وفي الوقت ذاته سمحت لهم بالاطلاع على مداولات الحكومة.

- مد التواصل بين الوفاق والجمعيات المهنية والنقابات، إذ إن الوقت الحالي هو الأنسب لتنشيط العمل النقابي داخل البحرين، فالعمال والاختصاصيون هم أصحاب البيت وهم أعرف بما يدور فيه، وهم أصحاب الشأن والاختصاص، وانتظامهم في جمعيات تخصهم سيساعد الوفاق في تزويدها بالبيانات وملفات الفساد في وزاراتهم وشركاتهم.

- تفعيل اللجان الأهلية في الدوائر، والذي ينبغي أن يكونوا أحد أجنحة الوفاق، إذ تختص تلك اللجان بجمع بيانات كل ما يختص بالدائرة من شئون الأهالي والخدمات التي يحتاجونها، فهذا يخلق مرجعيات للوفاق في الحصر وبناء هرم الاحتياجات وتقدير الضرر وتقديم الأوليات خصوصا في ضوء غياب البيانات وتضاربها.

لتبدأ الوفاق من جديد، فمازال الوقت باكرا للحديث عن النهاية والانقطاع، فالتغيير أمر مطلوب والمسارعة فيه أصبح من الضروريات إذ إن الجميع متفق بأن الجسم الوفاقي بحاجة إلى تنشيط، لكي يستعيد عافيته، فهل من إطلالة مميزة؟ إنا منتظرون.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً