عندما تذكر كلمة «الفقر» تتزامن معها صور الجوع/ المجاعة، والعوز/ التسول، وقد تصاحبها أيضا مظاهر الأوساخ والقمامة المتجمعة وما تؤدي إليه من أوبئة، تصوّر كلها في هيئة «مجاعة إفريقيا» مضرب المثل. ولكن، في عالمنا هذا، وفي البحرين تحديدا، نتجاهل أنواعا كثيرة من الفقر، على رغم انتشارها بين ثنايا مجتمعنا، وليس أبسطها، الفقر العلمي والمعرفي، ليس على مستوى القراءة والكتابة وإنما على مستوى المعرفة بالحقوق والواجبات التي يفرضها الدستور البحريني خصوصا، وتكفلها الدساتير العالمية عموما.
وليست حرية الصحافة التي تراجعت 7 رتب عن العام الماضي إلا دليلا على فقرنا لأبجديات تلقين المعرفة وتنوير الذات، إذ الكلمة مازالت رهينة بـ «الموالاة» (لسلطة/ لطائفة/ لتيار/ لشخص... إلخ)، وإن تشدقنا بالديمقراطية وما تكفله من حريات!
ليس أبسطها، الفقر الأخلاقي الذي ما من دليل على افتقارنا إليه أكبر من «تطنيش الكبار» ومن أنبناهم، لجل همومنا ومشكلاتنا، بل للرد على استفساراتنا، ولو بالردود الجاهزة المعتادة لتطييب الخاطر.
ليس أبسطها، «فقرنا الإيماني» الذي تشهد عليه شوارعنا النتنة من أكياس القمامة المكدسة والمجاري الطافحة بلا حياء ولا استحياء.
ليس أبسطها، «فقرنا المعنوي» بإحباطنا وافتقادنا الاستقرار النفسي قبل المادي، فلا عمل ولا سكن ولا مستقبل مشرقا ولا أذن تسمع لنا، ولا عين ترى فقرنا! كل أنواع الفقر نعيشها، فعن أي فقر نتحدث؟
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1871 - السبت 20 أكتوبر 2007م الموافق 08 شوال 1428هـ