العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ

حتى «لو يدهم في الماي» ما يخالف

ميثم العرادي comments [at] alwasatnews.com

هاتفتني إحدى الاختصاصيات الفاضلات يوم أمس الأول مثيرة عاصفة من الغضب غير المبرر، على جملة أساءت فهمها وتفسيرها بطريقة خاطئة وبعيدة عن المقام الذي وردت فيه، فمن باب حسن النية وطلب إصلاح بعض الأوضاع المتردية التي تعاني منها إدارة المناهج، وعلى سبيل الخوف على المصلحة العامة التي تستوجب خطوات إصلاحية جادة وسريعة في بعض المناهج، التي توزن قيمتها المعرفية بعدد ما تحتويه من صفحات، قلت في مقال سابق وبالحرف الواحد إنني لن أقول كما يقول البعض: «قاعدين على مكاتبهم... ما يدرون عن شي... إيدهم في الماي»، بل سأقول: «خلهم مرتاحين على مكاتبهم إذا الشغل ماشي صح من دون ما ينزلون للميدان ويلتقون الطلبة والطالبات والمعلمين»، فما ذكرته أعلاه ليس انتقادا للاخوة القائمين على وضع مناهج أبنائنا الطلبة، وإنما هو انتقاد للآلية المتبعة في إعداد المناهج.

هل في ذلك القول ما يشين؟ هل يستدعي تخوفنا على سمعة القائمين على تلك المناهج كل هذا التوتر والاستياء؟ هل انتقاد الأداء يعني بالضرورة انتقادا للمؤدي؟ أيهما يورم وجنات خد المرء وينكس رأسه خجلا واستحياء باعتباره معيبا، الوقوع في الخطأ أم الاستمرار فيه بكبرياء زائف مهلهل؟

إن من يعمل معرض للخطأ، وذلك الأمر طبيعي ووارد حتى يتعلم المرء من أخطائه ويتقن عمله، ونحن لسنا فوق الانتقاد إذا أردنا الإصلاح والتطوير. وعلى النقيض تصح عبارة ان الشخص الذي لا يعمل هو الذي لا يخطئ، فكيف يخطئ مع انتفاء العمل موضع التقييم؟ ومن هنا لابد من أداء التحية لكل من يقوم بعمله بجد وإخلاص، فاتحا قلبه قبل مكتبه لكل انتقاد بناء يرقى بجودة هذا العمل، ولا تحية البتة لمن لا يعمل، وإذا عمل لم يتقن، وإذا انتقد لم يتقبل.

بالنسبة إلى رد دائرة العلاقات العامة في وزارتنا الموقرة، فهو كالعادة رد راق في الصوغ والأسلوب، إلا أنه لا يخرج كثيرا عن النص الدبلوماسي الذي اعتاد الكثير منا سماعه، حتى بات يتوقعه ويستطيع أن يخمن محتواه حتى قبل قراءة عنوانه. الرد تضمن كما يرى القارئ الكريم، تعريفا سريعا لمقرر «التأزيم» وأهدافه، وهي أمور قد لا تضيف شيئا مهما إلى معلومات المتورطين في إشكال هذا المقرر. من جهة أخرى تطرق رد الوزارة الرسمي إلى أمثلة سيقت بهدف توضيح بعض الأمثلة البارزة من خيوط المشكلة، وكان الرد الرسمي يشير دائما إلى أهمية هذه الدروس، ولا أختلف معهم في ذلك فهذه الدروس مهمة للغاية إلى الدرجة التي أتمنى أن تعطى حقها بعناية، إذ لا يمكن مثلا أن يتم تدريس وحدة «المفهوم الإيجابي للذات» التي تشبه البرمجة العصبية وتقع في 34 صفحة خلال حصتين فقط!

أما بخصوص ما ورد بشأن عقد لقاء تربوي مع المعلمين والمعلمات تضمن عرضا لدروس أنموذجية بتوظيف الأساليب الحديثة، فهو أمر جيد ويحسب للقائمين عليه نقطة امتياز، لو تم التأكد من تحقيق الهدف المرجو منه عبر التقويم المستمر وتكرار عقد مثل هذه اللقاءات لاستشفاف أية مشكلات قد لا تظهر في الحين، ومنها على سبيل المثال عدم تناسب الخطة الزمنية المقترحة والانتهاء من الوحدات الدراسية المقررة، وهو الأمر الذي أوضحته الاختصاصية الفاضلة بالقول «حد ما توصل يا معلم أوقف» وهل يعقل أن يتوقف المعلم عن التدريس وقتما يشاء، ويواصل فيه وقتما يشاء؟! واذا صح ذلك، فمن سيضمن أن يتساوى الطلبة في مقدار إعدادهم للحياة وتزويدهم بالخبرات والمهارات التي تؤهلهم لمواجهة مختلف المواقف والمشكلات، وبالتالي التأقلم مع متغيرات العصر - بحسب ما ينشده المقرر في هدفه الرئيس؟

عبارة «حد ما توصل أوقف» عبارة عائمة وتستدعي استفسارات مفتوحة الجهات، كونها ذات أبعاد كبيرة، فهي تعني التحرر من المركزية المفترضة، وبذلك تفتح الباب لاجتهادات المعلمين التي تتوقف على المجهودات الشخصية في الأداء. وفي هذه الحال يتوافر عنصر الظلم الذي سيتأثر به محور العملية التعليمية التعلمية بشكل لا يرضي أي أحد، حتى قائل العبارة نفسه.

إن الهدف الأساسي للتعرض لهذه المشكلة ليس استهدافا لشخص بعينه، أو لإدارة بذاتها، ويجب أن يفهم دائما أنه تطلع نحو الأفضل وإلا كان لدينا الكثير لنكتبه وعلى عدة إدارات يعرفها الكثيرون بأنها مراتع جيدة للفساد الإداري.

«وسع صدرك»

قيل إن أحد السلاطين طلب من وزيره أن يكتب له قائمة بالبلهة والمجانين، فكتب الوزير القائمة ووضع اسم السلطان على رأسها، فلما نظر السلطان في الأسماء ورأى اسمه يتصدرها سأل الوزير:

- أية بلاهة رأيتها فيّ حتى كتبتني على رأس القائمة؟

- قال الوزير: منذ يومين دفعت مبلغا كبيرا لتجار أجانب كي يشتروا لك خيولا، ولا أعتقد أنهم سيرجعون، ولن ترى الخيول.

- وإذا رجعوا ماذا ستفعل؟

- قال الوزير: أمحو اسمك وأكتب أسماءهم.

إقرأ أيضا لـ "ميثم العرادي"

العدد 1859 - الإثنين 08 أكتوبر 2007م الموافق 26 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً