كلمة (الصدق) من أنبل الكلمات والصفات في هذا العالم التي ربما قلما تجدها على الأقل في بعض المستويات، والمشكلة حقا إذا ساد لدى فرد أو أفراد ما في مجتمع ما، شعور بأن ما حولهم لم يعد اشياء صادقة وتظهر ما هي عليه، بل ربما تكون أشياء واهية وليست موجودة.
قبل يومين حدثني أحد الاقتصاديين عن الكثير من الأفكار التي يمكن أن تتبناها الحكومة في توفير مزيد من الرفاهية للمواطنين أو حتى لبعث بعض القطاعات الاقتصادية على الحياة في فترات الكساد التي لم نعشها بعد. أفكار كثيرة تتمثل في صناديق ادخار وضرائب والكثير، الكثير. لكنه يقول إن أحد أكبر المعضلات التي تواجه تنفيذ أي من هذه المشروعات هي حال عدم الثقة - ونتمنى ألا تكون بهذه الدرجة من الوصف - بين بعض المؤسسات الرسمية والمواطنين في البحرين.
التشكيك في كل شيء هو ظاهرة أكثر منها مجرد أعراض في الشارع البحريني، وقد يرى البعض أن هذا التشكيك مبررا، فيما يرى الآخرون عكس ذلك، لكن ما يدفع المواطنين إلى التشكيك في بعض المشروعات الحكومية مثل التأمين ضد التعطل وغيره من المشروعات التي تستوجب دفع رسوم وتحمل كلف، هو تقارير ديوان الرقابة المالية وما يحدث في الآونة الأخيرة من اكتشافات حالات فساد قد تكون واحدة من عشرات لم تكتشف، فالمواطن يخشى من ضياع أمواله قبل كل شيء، ومشكلة العجز الإكتواري في صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية كانت بداية خوف المواطن من ضياع حقوقه.
قد يكون المواطن البحريني الآن على الأقل مصيبا أو معذورا في وضع علامات استفهام كبيرة على كل شيء، والمطلوب الآن لبث حال الطمأنينة هو تعزيز معدلات الشفافية في المؤسسات العامة والخاصة، وتعزيز مكافحة الفساد، وتقوية المؤسسات التشريعية والرقابية ومنحها سلطات أكثر، حتى يتأكد المواطن بأن هناك من يراقب حقوقه بصرامه أكبر، وأن هناك من يعاقب منتهكي حقوقه بعصا غليظة.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1858 - الأحد 07 أكتوبر 2007م الموافق 25 رمضان 1428هـ